لِاسْتِحْقَاقِ الْفُقَرَاءِ.
(فَرْعٌ) وَلَوْ (وَقَفَ عَلَى أَرْبَعَةٍ أَنَّ مَنْ مَاتَ) مِنْهُمْ وَلَهُ أَوْلَادٌ (فَنَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ وَإِلَّا فَلِأَهْلِ الْوَقْفِ فَمَاتَ) مِنْهُمْ (ثَلَاثَةٌ أَعْقَبَ مِنْهُمْ اثْنَانِ) فَقَطْ (فَنَصِيبُ الثَّالِثِ بَيْنَ الرَّابِعِ وَبَيْنَ عَقِبِهِمَا) أَيْ الِاثْنَيْنِ (عَلَى الرُّءُوسِ، وَإِنْ قَالَ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَمَنْ سَيُولَدُ لِي عَلَى مَا أُفَصِّلُهُ فَفَصَّلَهُ عَلَى الْمَوْجُودِينَ وَجَعَلَ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِلَا عَقِبٍ لِمَنْ سَيُولَدُ لَهُ جَازَ وَأُعْطِيَ) مَنْ وُلِدَ لَهُ (نَصِيبَ مَنْ مَاتَ) مِنْهُمْ (بِلَا عَقِبٍ فَقَطْ) أَيْ دُونَ شَيْءٍ آخَرَ وَلَا يُؤَثِّرُ فِيهِ قَوْلُهُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَمَنْ سَيُولَدُ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ بَعْدَهُ بَيَانٌ لَهُ.
(فَرْعٌ وَإِنْ وَقَفَ عَلَى سُكَّانِ بَلَدٍ فَغَابَ أَحَدُهُمْ سَنَةً) مَثَلًا (وَلَمْ يَبِعْ دَارِهِ وَلَا اسْتَبْدَلَ) بِهَا (أُخْرَى أُعْطِيَ) حَقَّهُ مِنْ الْوَقْفِ وَلَا يَبْطُلُ بِغَيْبَتِهِ فَإِنْ بَاعَهَا أَوْ اسْتَبْدَلَ بِهَا أُخْرَى بَطَلَ حَقُّهُ نَعَمْ إنْ اسْتَمَرَّ سَاكِنًا فِي دَارِهِ بَعْدَ بَيْعِهَا، أَوْ اسْتِبْدَالِهَا بِأُجْرَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ حَقُّهُ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ سَاكِنٌ بِالْبَلَدِ (وَقَوْلُهُ وَقَفْت عَلَيْهِ إنْ سَكَنَ هُنَا) أَيْ مَكَانًا مُعَيَّنًا (ثُمَّ) بَعْدَهُ (عَلَى الْفُقَرَاءِ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ) لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ إنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ بَعْدَ انْقِرَاضِهِ وَاسْتِحْقَاقُهُ مَشْرُوطٌ بِشَرْطٍ قَدْ يَتَخَلَّفُ وَلَفْظُ الْأَوَّلِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الَّذِي يَظْهَرُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ وَاحْتِمَالُ الِانْقِطَاعِ لَيْسَ كَتَحَقُّقِهِ وَعُرُوضُ إعْرَاضِهِ عَنْ السَّكَنِ كَرَدِّ الْمُسْتَحِقِّ غَلَّةَ الْوَقْفِ بَعْدَ صِحَّتِهِ.
(فَصْلٌ الِاسْتِثْنَاءُ وَالصِّفَةُ يَلْحَقَانِ الْجَمِيعَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ) وَقَفْت (عَلَى أَوْلَادِي وَأَحْفَادِي، وَإِخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ، أَوْ إلَّا الْأَغْنِيَاءَ مِنْهُمْ، أَوْ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ) فَتُشْتَرَطُ الْحَاجَةُ أَوْ عَدَمُ الْغِنَى، أَوْ الْفِسْقُ فِي الْجَمِيعِ لِأَنَّ الْأَصْلَ اشْتِرَاكُ الْمُتَعَاطِفَاتِ فِي جَمِيعِ الْمُتَعَلِّقَاتِ، وَالْحَاجَةُ هُنَا مُعْتَبَرَةٌ بِجَوَازِ أَخْذِ الزَّكَاةِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَتَنْقَدِحُ مُرَاجَعَةُ الْوَاقِفِ إنْ أَمْكَنَتْ (فَإِنْ عَطَفَ جُمَلًا) أَوْ مُفْرَدَاتٍ (بِثُمَّ) كَ وَقَفْتُ دَارِي عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ حَبَسَتْ ضَيْعَتِي عَلَى أَقَارِبِي، ثُمَّ سَبَّلْت بُسْتَانِي عَلَى عُتَقَائِي الْمُحْتَاجِينَ أَوْ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ (أَوْ فَرَّقَ) بَيْنَهُمَا (بِكَلَامٍ طَوِيلٍ) كَ وَقَفْتُ عَلَى أَوْلَادِي عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَعْقَبَ فَنَصِيبُهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِلَّا فَنَصِيبُهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا صُرِفَ إلَى إخْوَتِي الْمُحْتَاجِينَ، أَوْ إلَّا مَنْ يَفْسُقُ مِنْهُمْ (اخْتَصَّتْ بِهِمَا) أَيْ بِالِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَةِ الْجُمْلَةُ (الْأَخِيرَةُ) فَالشَّرْطُ - فِي عَوْدِهِمَا لِلْجَمِيعِ - الْعَطْفُ بِالْوَاوِ، وَأَنْ لَا يَتَخَلَّلَ كَلَامٌ طَوِيلٌ وَنَقَلَهَا الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ وَجَزَمَ فِي الْمِنْهَاجِ وَأَصْلِهِ بِأَوَّلِهِمَا لَكِنْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ إنَّمَا هُوَ احْتِمَالٌ لَهُ وَالْمَذْهَبُ خِلَافُهُ وَقَدْ صَرَّحَ هُوَ فِي الْبُرْهَانِ بِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ الْعَوْدُ إلَى الْجَمِيعِ وَإِنْ كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ قَالَ فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْوَاوِ بَلْ الضَّابِطُ وُجُودُ عَاطِفٍ جَامِعٍ بِالْوَضْعِ كَالْوَاوِ، وَالْفَاءِ، وَثُمَّ بِخِلَافِ بَلْ وَلَكِنْ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْقُشَيْرِيِّ فِي الْأُصُولِ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ وَثُمَّ انْتَهَى وَاعْلَمْ أَنَّ عَوْدَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى الْحَمْلِ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْعَطْفِ فَقَدْ نَقَلَ الرَّافِعِيُّ فِي الْأَيْمَانِ أَنَّهُ يَعُودُ إلَيْهَا بِلَا عَطْفٍ حَيْثُ قَالَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ لَوْ قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْت طَالِقٌ، عَبْدِي حُرٌّ لَمْ تَطْلُقْ وَلَمْ يَعْتِقْ (وَتَقْدِيمُ الصِّفَةِ) عَلَى الْمُتَعَاطِفَاتِ (كَتَأْخِيرِهَا) عَنْهَا فِي عَوْدِهَا إلَى الْجَمِيعِ كَ وَقَفْتُ عَلَى فُقَرَاءِ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَإِخْوَتِي وَكَذَا الِاسْتِثْنَاءُ كَ وَقَفْتُ لَا عَلَى مَنْ فَسَقَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَكَتُوا عَنْ حُكْمِ الصِّفَةِ الْمُتَوَسِّطَةِ وَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُهَا بِمَا وَلِيَتْهُ انْتَهَى، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا، وَمِثْلُهَا الِاسْتِثْنَاءُ.
(فَرْعٌ الْبَطْنُ الثَّانِي) وَمَنْ بَعْدَهُ (يَتَلَقَّوْنَ) الْوَقْفَ
قَوْلُهُ: فَنَصِيبُهُ لِأَوْلَادِهِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ صِيغَةُ الْجَمْعِ فِي الْأَوْلَادِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ حَتَّى لَوْ قَالَ وَقَفْت هَذَا عَلَى زَيْدٍ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِ فَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ صُرِفَ رِيعُ الْوَقْفِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْجِهَةُ وَهَكَذَا لَوْ قَالَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَيْسَ لَهُ ذُرِّيَّةٌ فَنَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُمْ إلَّا وَاحِدٌ صُرِفَ إلَيْهِ هَذَا هُوَ الَّذِي تَقَعُ بِهِ الْفَتْوَى.
وَيَظْهَرُ مِنْ الْمَقَاصِدِ حَتَّى لَوْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مِنْ الْإِخْوَةِ إلَّا أُنْثَى فَإِنَّهَا تَأْخُذُ نَصِيبَهُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَاهُ فِي كِتَابِ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى لِإِخْوَةِ زَيْدٍ لَا تَدْخُلُ أَخَوَاتِهِ فَلَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْوَقْفَ يُرَادُ لِلدَّوَامِ فَيُنَزَّلُ عَلَى الْجِهَاتِ، وَالْوَصِيَّةُ وَالْمَوَارِيثُ لَيْسَ الْأَمْرُ فِيهِمَا كَذَلِكَ فَالْمُعْتَبَرُ فِيهِمَا الْأَشْخَاصُ لَا الْجِهَاتُ إلَّا فِي مِيرَاثِ بَيْتِ الْمَالِ وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاعَاةِ الصِّيغَةِ جَمْعًا وَتَذْكِيرًا.
(قَوْلُهُ: فَغَابَ أَحَدُهُمْ إلَخْ) وَمُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْغَيْبَةِ حَالَ الْوَقْفِ أَوْ بَعْدَهَا وَيَظْهَرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالسَّنَةِ مِثَالٌ لَا لِلتَّحْدِيدِ حَتَّى لَوْ غَابَ أَكْثَرَ مِنْهَا وَلَمْ يَسْتَوْطِنْ غَيْرَهَا لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ. (قَوْلُهُ: قَالَ السُّبْكِيُّ: الَّذِي يَظْهَرُ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ الصَّوَابُ الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ.
(قَوْلُهُ: الِاسْتِثْنَاءُ وَالصِّفَةُ) أَيْ وَالشَّرْطُ أَوْ الضَّمِيرُ إذَا كَانَ صَالِحًا لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: كَمَا أَفْتَى بِهِ الْقَفَّالُ) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: وَنَقَلَهُمَا الْأَصْلُ عَنْ الْإِمَامِ وَأَقَرَّهُ) وَتَبِعَهُ عَلَى هَذَا الْقَيْدِ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ إذَا وَقَفَ عَلَى ذُكُورِ أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ فَإِذَا انْقَرَضُوا فَعَلَى الْمَسَاكِينِ يُعْتَبَرُ الذُّكُورَةُ فِي أَوْلَادِهِ دُونَ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَى مَحَاوِيجِ أَوْلَادِي ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ فَالْمُقَيَّدُ عَلَى التَّقْيِيدِ، وَالْمُطْلَقُ عَلَى الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: بَلْ الضَّابِطُ إلَخْ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) وَأَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ بِمَا يُوَافِقُهُ وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ هُوَ الْحَقُّ وَذَكَرَا فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَنَّ الشَّرْطَ يَعُودُ إلَى الْجُمْلَتَيْنِ إذَا كَانَ الْعَطْفُ بِثُمَّ وَالشَّرْطُ قِسْمٌ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ هُنَاكَ (قَوْلُهُ: قَالَ الشَّيْخُ تَاجُ الدِّينِ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ وَسَكَتُوا إلَخْ) وَيَدُلُّ لَهُ مَا نَقَلَاهُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْإِيمَانِ عَنْ ابْنِ كَجٍّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ عَبْدِي حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَامْرَأَتِي طَالِقٌ وَنَوَى صَرْفَ الِاسْتِثْنَاءِ إلَيْهِمَا صَحَّ فَافْهَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْوِ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهِمَا وَإِذَا كَانَ فِي الشَّرْطِ الَّذِي لَهُ صَدْرُ الْكَلَامِ فَالصِّفَةُ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا كَغَيْرِهَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.