ْ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ} [الأحزاب: 40] وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ دُخُولُ أَوْلَادِ الْبَنِينَ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْوَاقِفُ رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً وَهُوَ فِي الْمَرْأَةِ مُشْكِلٌ بِقَوْلِهِمْ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ: إنَّهُ لَا مُشَارَكَةَ بَيْنَ الْأُمِّ وَالِابْنِ فِي النَّسَبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: ذُكِرَ الِانْتِسَابُ فِي الْمَرْأَةِ هُنَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا لِلْإِخْرَاجِ فَيَدْخُلُ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ أَيْضًا، وَإِلَّا يَلْزَمُ إلْغَاءُ الْوَقْفِ أَصْلًا فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ اللُّغَوِيَّةِ لَا الشَّرْعِيَّةِ وَيَكُونُ كَلَامُ الْفُقَهَاءِ مَحْمُولًا عَلَى وَقْفِ الرَّجُلِ.

(وَالْعَشِيرَةُ كَالْقَرَابَةِ) فِي حُكْمِ الْوَقْفِ وَغَيْرِهِ (وَمُطْلَقُ الْقَرَابَةِ يَأْتِي ذِكْرُهَا فِي الْوَصِيَّةِ) قَالَ الرَّافِعِيُّ وَالْعِتْرَةُ الْعَشِيرَةُ عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: أَكْثَرُ مَنْ جَعَلَهُمْ عَشِيرَةً خَصَّهُمْ بِالْأَقْرَبِينَ وَنَقَلَ فِيهِ عِبَارَاتِ جَمْعٍ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ، ثُمَّ قَالَ وَمُقْتَضَى مَا قَالُوهُ أَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِمْ ذُرِّيَّتُهُ وَعَشِيرَتُهُ الْأَدْنَوْنَ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُخْتَارُ وَتَوَقَّفَ فِيمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَالَ بَلْ الْأَظْهَرُ مَا رَجَّحَهُ الرَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الْأَقْرَبُ إلَى الْعُرْفِ (وَالْحَادِثُونَ) بَعْدَ الْوَقْفِ (يُشَارِكُونَ الْمَوْجُودِينَ) عِنْدَهُ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَيْهِمْ (وَالْمَوْلَى اسْمٌ لِلْأَعْلَى) وَهُوَ مَنْ لَهُ الْوَلَاءُ (وَالْأَسْفَلِ) وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ (فَلَوْ اجْتَمَعُوا اشْتَرَكُوا) لِتَنَاوُلِ الِاسْمِ لَهُمْ وَلَوْ قَالَ فَلَوْ اجْتَمَعَا اشْتَرَكَا كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا أَحَدُهُمَا اخْتَصَّ الْوَقْفُ بِهِ فَلَوْ طَرَأَ الْآخَرُ بَعْدُ قَالَ ابْنُ النَّقِيبِ فَيَظْهَرُ عِنْدَ مَنْ يُشْرِكُ أَنْ يَدْخُلَ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى الْإِخْوَةِ ثُمَّ حَدَثَ آخَرُ وَرُدَّ بِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَوْلَى عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ وَقَدْ دَلَّتْ الْقَرِينَةُ وَهِيَ الِانْحِصَارُ فِي الْوُجُودِ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ فَصَارَ الْمَعْنَى الْآخَرُ غَيْرَ مُرَادٍ وَأَمَّا مَعَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ فَيُحْمَلُ عَلَيْهِمَا احْتِيَاطًا أَوْ عُمُومًا عَلَى خِلَافٍ فِي ذَلِكَ مُقَرَّرٍ فِي الْأُصُولِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ عَلَى الْإِخْوَةِ فَإِنَّ الْحَقِيقَةَ وَاحِدَةٌ وَإِطْلَاقُ الِاسْمِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ حَيِّزِ الْمُتَوَاطِئِ فَمَنْ صَدَقَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ اسْتَحَقَّ مِنْ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يُقَيِّدَ الْوَاقِفُ بِالْمَوْجُودِينَ حَالَ الْوَقْفِ فَيُتَّبَعَ تَقْيِيدُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَأَصْلِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الْمَوْلَى، وَالْمَوَالِي وَبِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَابْنُ الصَّبَّاغِ لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ لَا يُتَّجَهُ التَّشْرِيكُ فِي الْإِفْرَادِ وَيَنْقَدِحُ مُرَاجَعَةُ الْوَاقِفِ.

[فصل يراعى شرط الواقف في ما شرط من التسوية والتفاضل والتخصيص بوصف وزمان ومكان]

(فَصْلٌ يُرَاعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي) مَا شَرَطَ مِنْ (التَّسْوِيَةِ وَالتَّفَاضُلِ وَالتَّخْصِيصِ بِوَصْفٍ وَزَمَانٍ) وَمَكَانٍ وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَصْفِ كَانَ أَوْلَى وَأَخْصَرَ (فَإِنْ قَالَ) وَقَفْت (عَلَى فُقَرَاءِ الْأَبْنَاءِ وَأَرَامِلِ الْبَنَاتِ أُعْطِيَ الْفُقَرَاءُ وَمَنْ افْتَقَرَ) مِنْ الْأَبْنَاءِ بَعْدَ غِنَاهُ (وَالْأَرْمَلَةُ) مِنْ الْبَنَاتِ (وَمَنْ تَطَلَّقَتْ) مِنْهُنَّ، أَوْ فَارَقَتْ بِفَسْخٍ، أَوْ وَفَاةٍ لِصِدْقِ الِاسْمِ عَلَى هَؤُلَاءِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَأَصْلِهِ أَنَّ مَنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ أَصْلًا أَرْمَلَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهَا الَّتِي فَارَقَهَا زَوْجُهَا وَفِي الْوَصِيَّةِ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ الْأَصَحُّ وَشَرْطُهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فِي الْوَصِيَّةِ الْفَقْرُ ذَكَرَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَهُوَ كَمَا قَالَ، وَإِنْ تَوَقَّفَ الْأَذْرَعِيُّ فِي الِاقْتِضَاءِ الْمَذْكُورِ (لَا الرَّجْعِيَّةُ) لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ فَلَيْسَتْ أَرْمَلَةً (أَوْ) قَالَ وَقَفْت (عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إلَّا مَنْ تَزَوَّجَتْ) أَوْ اسْتَغْنَتْ مِنْهُنَّ فَتَزَوَّجَتْ، أَوْ اسْتَغْنَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ خَرَجَتْ عَنْ الِاسْتِحْقَاقِ وَ (لَمْ يَعُدْ اسْتِحْقَاقُهَا بِالطَّلَاقِ) وَالْفَقْرِ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ بِهِ عَنْ كَوْنِهَا تَزَوَّجَتْ أَوْ اسْتَغْنَتْ وَلِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ أَنْ تَفِيَ لَهُ أُمُّ وَلَدِهِ وَلَا يَخْلُفَهُ عَلَيْهَا أَحَدٌ فَمَنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ تَفِ وَبِذَلِكَ فَارَقَتْ هَذِهِ مَا قَبْلَهَا (وَلَوْ خَصَّصَ) الْوَاقِفُ (كُلَّ وَاحِدٍ) مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (بِغَلَّةِ سَنَةٍ جَازَ) وَاتُّبِعَ عَمَلًا بِشَرْطِهِ.

(فَرْعٌ لَوْ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ) ثُمَّ قَالَ (فَإِنْ انْقَرَضُوا هُمْ وَأَوْلَادُهُمْ فَعَلَى الْفُقَرَاءِ فَمُنْقَطِعُ الْوَسَطِ) وَحُكْمُهُ مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ شَيْئًا، وَإِنَّمَا شَرَطَ انْقِرَاضَهُم

ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ: وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ دُخُولُ أَوْلَادِ الْبَنِينَ إلَخْ) لَوْ قَالَ عَلَى الَّذِينَ يَنْتَسِبُونَ إلَيَّ بِأُمَّهَاتِهِمْ لَمْ يَكُنْ لِأَوْلَادِ الْبَنِينَ فِيهِ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: فَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِالنِّسْبَةِ اللُّغَوِيَّةِ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَالْأَسْفَلِ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الْوَلَاءُ) لِأَنَّ أَوْلَادَ الْعَتِيقِ يُسَمَّوْنَ مَوَالِيَ نِعْمَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْهُمْ بِاعْتِبَارِ تَخْلِيصِهِمْ مِنْ الرِّقِّ وَكَتَبَ أَيْضًا إذَا اقْتَضَى الصَّرْفَ إلَى الْمَوَالِي مِنْ أَسْفَلَ بِصَرِيحٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِمْ مَنْ يَعْتِقُ بِمَوْتِهِ كَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُدَبَّرِهِ عَلَى الْأَصَحِّ ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْوَصَايَا مِنْ الرَّوْضَةِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ الْمَوَالِي لَا حَالَ الْوَصِيَّةِ وَلَا حَالَ الْمَوْتِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ اجْتَمَعُوا اشْتَرَكُوا) هَلْ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا أَفْهَمَهُ كَلَامُ الْمُعْتَمَدِ لِلْبَنْدَنِيجِيِّ، أَوْ عَلَى الْجِهَتَيْنِ مُنَاصَفَةً؟ احْتِمَالَانِ أَصَحُّهُمَا الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: فَصَارَ الْمَعْنَى الْآخَرُ غَيْرَ مُرَادٍ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِهِ صَرَّحَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ إلَخْ) وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ إذْ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ يَعُمُّ لِلْعُمُومِ.

[فَصْلٌ يُرَاعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ فِي مَا شَرَطَ مِنْ التَّسْوِيَةِ وَالتَّفَاضُلِ وَالتَّخْصِيصِ بِوَصْفٍ وَزَمَانٍ وَمَكَانٍ]

(قَوْلُهُ: يُرَاعَى شَرْطُ الْوَاقِفِ إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ: الْعُرْفُ الْمُطَّرِدُ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ فَيُنَزَّلُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ فَإِنْ وَقَفَ عَلَى الْمُدَرِّسِ، وَالْمُعِيدِ، وَالْفُقَهَاءِ بِالْمَدْرَسَةِ كَذَا نُزِّلَ عَلَى مَا يَقْتَضِيهِ الْعُرْفُ مِنْ التَّفَاوُتِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْفَقِيهِ، وَالْأَفْقَهِ وَكَذَا يُنَزَّلُ عَلَى إلْقَاءِ الدُّرُوسِ فِي الْغَدَوَاتِ فَلَا يَكْفِي إلْقَاؤُهَا لَيْلًا.

(تَنْبِيهٌ) وَقَفَ دَارًا عَلَى زَيْدٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ أَنَّ لِزَيْدٍ مِنْهَا النِّصْفَ وَلِعَمْرٍو مِنْهَا الثُّلُثَ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْحَاوِي كَانَتْ بَيْنَهُمَا مَقْسُومَةً عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ وَيَرْجِعُ السُّدُسُ الْفَاضِلُ عَلَيْهِمَا بِالرَّدِّ فَيَكُونُ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا وَلِعَمْرٍو خُمُسَاهَا وَلَوْ وَقَفَهَا هَكَذَا وَلَمْ يَقُلْ عَلَيْهِمَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا سَمَّى وَكَانَ السُّدُسُ الْفَاضِلُ إذَا صَحَّحْنَا الْوَقْفَ فِيهِ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ وَقَفَهَا عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ جَمِيعَهَا وَلِعَمْرٍ ثُلُثَهَا قُسِمَتْ بَيْنَهُمَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِزَيْدٍ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِعَمْرٍو سَهْمٌ قَالَ السُّبْكِيُّ وَقَعَ السُّؤَالُ قَدِيمًا عَمَّا يَقَعُ فِي كُتُبِ الْأَوْقَافِ مِنْ قَوْلِهِمْ صُرِفَ ذَلِكَ إلَى أَهْلِ الْوَقْفِ وَالصَّوَابُ أَنَّهُمْ الْمُتَنَاوِلُونَ مِنْهُ حِينَئِذٍ فَالْمَحْجُوبُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَفِي الْوَصِيَّةِ مِنْ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ أَصَحُّ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُهَا عَلَى مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فِي الْوَصِيَّةِ الْفَقْرُ) وَجَرَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ثَمَّ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا يَظْهَرُ أَنَّ صُورَةَ الصَّرْفِ إلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ أَنْ يَكُونَ بِلَفْظِ الْوَصِيَّةِ أَوْ بِلَفْظِ الْوَقْفِ وَوَقَفَ عَلَى مَصْرِفٍ صَحِيحٍ وَشَرَطَ صَرْفَ كَذَا مِنْهُ عَلَى أُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ بَعْدَ كَمَالِهِنَّ وَإِلَّا فَتَقَدَّمَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْعَبْدِ نَفْسِهِ بَاطِلٌ، وَأُمُّ الْوَلَدِ دَاخِلَةٌ فِي الرَّقِيقِ، كَاتِبُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015