فَغَيْرُ الْمُخْتَصَّةِ كَالْأَوْدِيَةِ، وَالْأَنْهَارِ) وَالسُّيُولِ (فَالنَّاسُ فِيهَا سَوَاءٌ) لِخَبَرِ «النَّاسُ شُرَكَاءُ فِي ثَلَاثَةٍ فِي الْمَاءِ، وَالْكَلَأِ، وَالنَّارِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ (وَإِنْ ضَاقَ الْمُشْرِعُ) عَلَى اثْنَيْنِ مَثَلًا (وَقَدْ جَاءَا مَعًا قُدِّمَ الْعَطْشَانُ) لِحُرْمَةِ الرُّوحِ ثُمَّ إنْ اسْتَوَيَا فِي الْعَطَشِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ أُقْرِعَ بَيْنَهُمَا كَمَا ذَكَرَهُ الْأَصْلُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ وَلَيْسَ لِلْقَارِعِ أَنْ يُقَدِّمَ دَوَابَّهُ عَلَى الْآدَمِيِّينَ بَلْ إذَا ارْتَوَوْا اُسْتُؤْنِفَتْ الْقُرْعَةُ بَيْنَ الدَّوَابِّ وَلَا يُحْمَلُ عَلَى الْقُرْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ (ثُمَّ) إنْ جَاءَا مُتَرَتِّبِينَ قُدِّمَ (السَّابِقُ) بِقَدْرِ كِفَايَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَقِيًا لِدَوَابِّهِ، وَالْمَسْبُوقُ عَطْشَانًا فَيُقَدَّمُ الْمَسْبُوقُ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَصْلِ (وَمَنْ حَازَ مِنْهُ شَيْئًا فِي إنَاءٍ، أَوْ حَوْضٍ مَلَكَهُ) فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ مُزَاحَمَتُهُ فِيهِ كَمَا لَوْ احْتَطَبَ فَلَوْ أَعَادَ مَا حَازَهُ مِنْهُ إلَيْهِ لَمْ يَصِرْ شَرِيكًا فِيهِ بِالِاتِّفَاقِ نَقَلَهُ فِي الْبَيَانِ فِي بَابِ الْأُصُولِ وَالثِّمَارِ (وَإِنْ دَخَلَ الْمَاءُ) أَيْ شَيْءٌ مِنْهُ (مِلْكَهُ لَمْ يَجُزْ) لِغَيْرِهِ (الدُّخُولُ إلَيْهِ بِلَا إذْنٍ) مِنْهُ لِامْتِنَاعِ دُخُولِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ (فَلَوْ أَخَذَهُ رَجُلٌ) وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِهِ مِلْكَهُ (بِلَا إذْنٍ مَلَكَهُ) وَإِذَا خَرَجَ مِنْ مِلْكِهِ أَخَذَهُ مَنْ شَاءَ نَعَمْ إنْ حَوَّطَ عَلَيْهِ الْمَالِكُ كَأَنْ كَانَ فِي دَارٍ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهَا قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ قَالَ وَيَشْهَدُ لَهُ مَا لَوْ دَخَلَ صَيْدٌ إلَى مِلْكِهِ وَأَغْلَقَ عَلَيْهِ الْبَابَ فَإِنَّهُ يَمْلِكُهُ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الْبَيَانِ.

(فَرْعٌ وَلَوْ تَزَاحَمُوا عَلَى سَقْيِ الْأَرْضِ) الَّتِي لَهُمْ (بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ غَيْرِ الْمُخْتَصِّ وَضَاقَ عَنْهُمْ وَبَعْضُهُمْ أَوَّلٌ (سَقَى الْأَوَّلُ) فَالْأَوَّلُ فَيَحْبِسُ كُلُّ وَاحِدٍ الْمَاءَ (إلَى) أَنْ يَبْلُغَ (الْكَعْبَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ (وَالْأَوْلَى التَّقْدِيرُ بِالْحَاجَةِ فِي الْعَادَةِ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَرْضِ وَبِاخْتِلَافِ مَا فِيهَا مِنْ زَرْعٍ وَشَجَرٍ وَبِوَقْتِ الزِّرَاعَةِ وَوَقْتِ السَّقْيِ وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا قَبْلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ (ثُمَّ يُرْسِلُهُ) الْأَوَّلُ إلَى (الثَّانِي وَهَكَذَا) وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْمُحْيِي قَبْلَ الثَّانِي وَهَكَذَا لَا الْأَقْرَبُ إلَى النَّهْرِ وَعَبَّرُوا بِذَلِكَ جَرْيًا عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَنَّ مَنْ أَحْيَا بُقْعَةً يَحْرِصُ عَلَى قُرْبِهَا مِنْ الْمَاءِ مَا أَمْكَنَ لِمَا فِيهِ مِنْ سُهُولَةِ السَّقْيِ وَخِفَّةِ الْمُؤْنَةِ وَقُرْبِ عُرُوقِ الْغِرَاسِ مِنْ الْمَاءِ وَمِنْ هُنَا يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ إلَى النَّهْرِ إنْ أَحْيَوْا دُفْعَةً أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِالْإِقْرَاعِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ (فَإِنْ انْخَفَضَ بَعْضٌ) مِنْ أَرْضِ الْأَعْلَى (بِحَيْثُ يَأْخُذُ فَوْقَ الْحَاجَةِ قَبْلَ سَقْيِ الْمُرْتَفِعِ) مِنْهَا (أَفْرَدَ كُلًّا) مِنْهُمَا (بِسَقْيٍ) بِأَنْ يَسْقِيَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ يَسُدَّهُ، ثُمَّ يَسْقِيَ الْآخَرُ (فَإِنْ احْتَاجَ الْأَوَّلُ) إلَى السَّقْيِ (مَرَّةً أُخْرَى قُدِّمَ) أَمَّا إذَا اتَّسَعَ الْمَاءُ فَيَسْقِي كُلٌّ مِنْهُمْ مَتَى شَاءَ (وَلَوْ تَنَازَعَ مُتَحَاذِيَانِ) بِأَنْ تَحَاذَتْ أَرْضَاهُمَا، أَوْ أَرَادَ شَقَّ النَّهْرِ مِنْ مَوْضِعَيْنِ مُتَحَاذِيَيْنِ (فَالْقُرْعَةُ) مُعْتَبَرَةٌ إذْ لَا مَزِيَّةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكَانَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَحْيَيَا دَفْعَةً، أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا (وَإِنْ أَرَادَ) شَخْصٌ (إحْيَاءَ أَرْضٍ) مَوَاتٍ (أَقْرَبَ إلَى رَأْسِ النَّهْرِ فَإِنْ ضَيَّقَ عَلَى السَّابِقِ مُنِعَ) مِنْ الْإِحْيَاءِ (وَإِلَّا فَلَا) التَّقْيِيدُ بِالْأَقْرَبِيَّةِ مِنْ زِيَادَتِهِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَغَيْرُهُ وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَلَوْ أَرَادَ إحْيَاءَ مَوَاتٍ وَسَقْيَهُ مِنْ هَذَا النَّهْرِ فَإِنْ ضَيَّقَ عَلَى السَّابِقِينَ مُنِعَ لِأَنَّهُمْ اسْتَحَقُّوا أَرْضَهُمْ بِمَرَافِقِهَا، وَالْمَاءُ مِنْ أَعْظَمِ مَرَافِقِهَا، وَإِلَّا فَلَا مَنْعَ وَقَضِيَّتُهَا أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَقْرَبِيَّةِ وَأَنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِإِرَادَةِ سَقْيِ ذَلِكَ مِنْ النَّهْرِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَحْتَمِلُ خِلَافَهُ لِئَلَّا يَصِيرَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى اسْتِحْقَاقِهِ السَّقْيَ قَبْلَهُمْ، أَوْ مَعَهُمْ.

(فَرْعٌ وَعِمَارَةُ هَذِهِ الْأَنْهَارِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلِكُلٍّ) مِنْ النَّاسِ (بِنَاءُ قَنْطَرَةٍ) عَلَيْهَا يَمُرُّونَ عَلَيْهَا (وَ) بِنَاءُ (رَحًى عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ) أَيْ الْأَنْهَارُ

ـــــــــــــــــــــــــــــQ [الطَّرَفُ الثَّانِي الْمِيَاهُ]

قَوْلُهُ: وَمَنْ حَازَ مِنْهُ شَيْئًا فِي إنَاءٍ، أَوْ حَوْضٍ) أَيْ أَوْ نَحْوِهِ كَبِرْكَةٍ قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي فَتَاوِيهِ الدُّولَابُ الَّذِي يُدِيرُهُ الْمَاءُ إذَا دَخَلَ الْمَاءُ فِي كِيزَانِهِ مَلَكَهُ صَاحِبُ الدُّولَابِ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ اسْتَقَاهُ بِنَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ: قَالَ الزَّرْكَشِيُّ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ.

[فَرْعٌ تَزَاحَمُوا عَلَى سَقْيِ الْأَرْضِ الَّتِي لَهُمْ وَضَاقَ عَنْهُمْ وَبَعْضُهُمْ أَوَّلٌ]

(قَوْلُهُ: سَقَى الْأَوَّلُ) حَتَّى لَوْ كَانَ زَرْعُ الْأَسْفَلِ يَهْلِكُ إلَى أَنْ يَأْتِيَ الْمَاءُ إلَيْهِ لَمْ يَجِبْ عَلَى مَنْ فَوْقَهُ إرْسَالُهُ إلَيْهِ كَمَا قَالَهُ أَبُو الطَّيِّبِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا نَقَلَهُ الْأَصْلُ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ) بَعْدَ نَقْلِهِ مَا قَبْلَهُ عَنْ الْجُمْهُورِ، كَلَامُ الْجُمْهُورِ مَحْمُولٌ عَلَى أَرْضٍ يَكْفِيهَا ذَلِكَ أَمَّا الْأَرْضُ الَّتِي لَا تَكْفِيهَا إلَّا زِيَادَةٌ عَلَى ذَلِكَ كَغَالِبِ مَزَارِعِ الْيَمَنِ فَتُسْقَى إلَى حَدِّ كِفَايَتِهَا عَادَةً مَكَانًا وَزَمَانًا وَقَدْ اخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَهُوَ قَوِيٌّ وَمِمَّنْ جَزَمَ بِهِ الْمُتَوَلِّي وَلَوْلَا هَيْبَةُ الْأَحَادِيثِ لَقُلْت إنَّهُ الصَّحِيحُ وَأَوَّلْتهَا وَلَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ عَادَةَ الْحِجَازِ وَهَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَبْلُغَ الْحَبْسُ الْأَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، أَوْ الْأَعْلَى كَمَا قَالُوا فِي آيَةِ الْوُضُوءِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَالْمَرْجِعُ إلَى الْقَدْرِ الْمُعْتَدِلِ، أَوْ الْغَالِبِ؛ لِأَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَرْفَعُ كَعْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْخَفِضُ وَيَدْنُو مِنْ أَسْفَلِ الرِّجْلِ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ يُرْسِلُ الْأَوَّلُ إلَى الثَّانِي) وَهَكَذَا فَإِنْ كَانَ النَّهْرُ عَظِيمًا بَقِيَ بِالْجَمِيعِ سَقَى مَنْ شَاءَ مَتَى شَاءَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ كَذَا أَطْلَقَاهُ وَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَ لِكُلِّ أَحَدٍ سَاقِيَةٌ يُرْسِلُهَا مِنْهُ إلَى أَرْضِهِ مَتَى شَاءَ أَمَّا إذَا كَانَ مَخْرَجُ الْمَاءِ مِنْهُ وَاحِدًا لَا يُمْكِنُ السَّقْيُ مِنْهُ إلَّا مُرَتَّبًا فَلَا بَلْ الْحُكْمُ حِينَئِذٍ تَقْدِيمُ الْأَوَّلِ فَالْأَوَّلِ وَإِلَّا فَيَصِيرُ مُسْتَحِقُّ التَّقْدِيمِ تَتَأَخَّرُ نَوْبَتُهُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَوَّلِ الْمُحْيِي قَبْلَ الثَّانِي إلَخْ) صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ وَمَا أَوْهَمَ خِلَافَهُ مُؤَوَّلٌ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَا أَحْسِبُ فِيهِ خِلَافًا بَيْنَ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْعُدُ الْقَوْلُ بِالْإِقْرَاعِ ذَكَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَسْقِيَ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ يَسُدَّهُ، ثُمَّ يَسْقِيَ الْآخَرُ) قَالَ فِي الْمَطْلَبِ وَتَبِعَهُ الْقَمُولِيُّ هَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْ سَقْيُ الْعَالِيَةِ أَوَّلًا حَتَّى يَبْلُغَ الْكَعْبَ، ثُمَّ يَسُدَّ عَنْهَا وَيُرْسِلَ إلَى السَّافِلَةِ فَإِنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ تَعَيَّنَ فِعْلُهُ وَقَالَ السُّبْكِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ الْبُدَاءَةُ بِالْأَسْفَلِ بَلْ لَوْ عُكِسَ جَازَ وَمُرَادُهُمْ أَنْ لَا تَزِيدَ فِي الْمُنْسَفِلَةِ عَلَى الْكَعْبَيْنِ.

وَصَرَّحَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ بِالتَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَكُلُّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَحْيَيَا دَفْعَةً، أَوْ جُهِلَ أَسْبَقُهُمَا) أَشَارَ إلَى تَصْحِيحِهِ (قَوْلُهُ: وَقَضِيَّتُهَا) أَيْ عِبَارَةِ الْأَصْلِ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْأَقْرَبِيَّةِ إلَخْ مَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ كَالْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَغَيْرِهِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْأَصْلِ فَإِنْ ضَيَّقَ عَلَى السَّابِقِينَ إلَخْ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُضَيِّقُ عَلَيْهِمْ إذَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى رَأْسِ النَّهْرِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فَهُمَا مُتَّحِدَانِ لَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015