على منابر من نور، عن يمين الرحمن عز وجل، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما وُلُّوا» (?) ثم أمر الله تعالى بالإصلاح في غير حال القتال، ولو في أدنى اختلاف فقال: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ"، فهذه الآية أصل من الأصول التي تنظم علاقة المسلم بأخيه المسلم (?). إن الله تعالى لم ينف صفة الإيمان عن إحدى الطائفتين أو كلتيهما مع وقوع القتال بينهما، وإن أولى الناس بالدخول تحت معنى هذه الآية هم سادات المؤمنين الصحابة الكرام، سواء ما وقع في معركة الجمل أو صفين، وقد قام أمير المؤمنين علىّ- رضي الله عنه - بتطبيق هذه الآية من حرصه على الإصلاح.

وقد استجاب طلحة والزبير لذلك، إلا أن أتباع عبد الله بن سبأ أنشبوا الحرب بين الطرفين، وسيأتي بيان ذلك في محله بإذن الله، وحرص أمير المؤمنين على الإصلاح مع أهل الشام، وبذل ما في وسعه، من طرق سلمية، وجرّد سيفه بعد فشل كل المحاولات الإصلاحية لكي يفئ معاوية - رضي الله عنه- إلى السمع والطاعة، ووحدة الخلافة الإسلامية، إلا أن معاوية اشترط تسليم قتلة عثمان- رضي الله عنه -، فاجتهد وأخطأ، وكان الحق مع أمير المؤمنين على ووقع القتال.

وقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" فأثبتت الأخوة الإيمانية لجميع المقاتلين من المسلمين، ومن باب أولى ما وقع بين على وطلحة والزبير - رضي الله عنهم- في الجمل، وما وقع مع معاوية في صفين، ومن هنا يظهر لنا أن المقاتلين في الجمل وفي صفين مؤمنون، ولا مجال للطعن في الصحابة بسبب هذه الحوادث التاريخية، أو محاولة نزع الإيمان عنهم، أو نشر العبارات المنحرفة في حقهم، ويكفى في الرد على تلك المقولات الباطلة أن هذه الآيات أثبتت لهم أخوة الإيمان، وسيأتي بيان ما وقع بينهم - بإذن الله تعالى - بالتفصيل.

فقد ذكر تعالى أن المؤمنين إخوة في الدين، ويجمعهم أصل واحد، وهو الإيمان، فيجب الإصلاح بين كل أخوين متنازعين، وزيادة في أمر العناية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015