3 - ومما يلفت النظر في هذه الخطة أن أبا بكر وعمر على الخصوص، لم يكونا يستشيران إلا من كان موجودًا من الصحابة بالمدينة، ولم نطلع على نص يدل على أنهما كانا يستدعيان من كان غائبًا من الصحابة قصد استشارته في أمر من الأمور الاجتهادية، مما يدل على أن الإجماع كان ينعقد باتفاق من حضر من الصحابة بصرف النظر عن رأي من كان غائبًا (?) , ويتضح لنا من خلال ما سبق من خطة الخلفاء الراشدين والصحابة في التشريع والقضاء أنهم كانوا كلما حزبهم أمر، أو عرضت عليهم قضية بادروا إلى القرآن أولاً حتى إذا لم يجدوا فيه حلاً رجعوا إلى السنة، فإذا لم يجدوا الحل، استعملوا الرأي بمعناه الواسع، سواء كان جماعيًا أو فرديًا، وقد انبثق عن آرائهم الجماعية ما سمى بالإجماع، وهو مصدر طارئ لم يكن له وجود في عصر الرسالة، وقد صنف هذا المصدر ثالث المصادر بعد الكتاب والسنة، وبما أنه لم يكن من الميسور دائمًا جمع الصحابة قصد التشاور والاتفاق على حكم معين لأسباب كثيرة، فقد لجأ الصحابة لاستعمال الرأي بصورة فردية في الفتوى والقضاء، وقد اعتمدوا الكتاب والسنة في آرائهم الفردية والجماعية، وعلى الفهم العميق لمقاصد الشريعة الهادفة إلى دفع المفاسد وجلب المصالح، واستوحوا الأحكام للحوادث التي لا نص فيها من روح النصوص ولم يقضوا مع ظواهرها، وقد استعملوا القياس منذ عهد الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو المصدر الرابع من مصادر التشريع ويأتي بعد الإجماع في المرتبة وإن كان سابقًا في الوجود (?).

وهذه هي المصادر التي اعتمدها الخلفاء الراشدون والصحابة الكرام:

1 - القرآن الكريم وهو العمدة والأساس، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، وأنه لا طريق إلى الله سواه.

2 - السنة وتطلق على ما جاء منقولاً عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بطرق صحيحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015