بل يجب أن نعترف أنه حصل في بلادنا ومجتمعنا كثير من التحولات السلبية في كل مناحي الحياة، وأُصبنا بأدواء الأمم في بعض الأمور، لكن مع ذلك لا تزال الأصول والثوابت والمسلمات قائمة ومتينة ومعتبرة بحمد الله.

والحق: أن الأمة الإسلامية، مع ما اعتراها من كثرة البدع والأهواء والجهل والإعراض والفرقة والشتات، إلا أنها لا تزال فيها بقايا خير، وولاء للإسلام، وهذا التصور الحق هو الذي دفع هذه الدعوة المباركة إلى السعي الجاد واستنهاض نزعة الخير في الأمة.

ولذلك لو أن الأمة الإسلامية سلمت من تضليل الخصوم، ودعايات السوء التي حالت بينها وبين التعرف على طبيعة الحق الذي يحمله منهج هذه الدعوة التي يعيرونها بـ (الوهابية) لاستجاب كثير من المسلمين لداعي الحق، وكان للمسلمين شأن آخر من العزة والقوة والاجتماع والهيبة. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

هذا. . . وقد حرصت خلال هذا البحث كله أن أركِّز على التأصيل وبيان المنهج الذي سارت عليه الدعوة وأتباعها ودولتها، وتوثيق ذلك من كتبهم وأقوالهم ومواقفهم، والواقع العلمي، والعملي الذي يعيشونه ويعتمدونه؛ لأن هذا أجدى في كشف الحقيقة، وأبلغ في رد الشبهات وكشف الزيوف والمفتريات عليهم. ولذا آثرت الإقلال من المجادلات والتمادي في النقاش، وأحسب أن هذا أبلغ في البيان وأقرب للإقناع، وأجمع للشمل، والله حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله، عليه توكلت وإليه أنيب.

ونسأل الله تعالى أن ينصر الحق وأهله، وأن يخذل الباطل وأهله، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى، وما فيه خيرهم وعزهم وصلاحهم في الدنيا والآخرة، وأن يقيهم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن.

وصلى الله وسلم وبارك على خير الخلق أجمعين نبينا وحبيبنا محمد وآله، وارض عن صحابته ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بفضل الله ورحمته آمين.

كتبه

ناصر بن عبد الكريم العقل

أستاذ العقيدة والمذاهب المعاصرة

بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015