اللصوص والمجرمين الذين كانوا يعيثون فسادًا في مختلف مناطق الجزيرة. ثم شجعت البدو على الاستقرار في مناطق زراعية بعد أن هيأت لهم المنازل ووسائل العيش الكريم. وقد ربطت الدعوة الوهابية أتباعها بالله مباشرة، وعلمتهم ألا يرهبوا أحدًا سواه، وطردت من عقولهم صور الجن والخرافات والأوهام، ومنعتهم من الوقوف المذل أمام الأحجار والقبور والأشجار للتوسل والاستغاثة، وعودتهم ألا يطلبوا ذلك إلا من الله وحده. . .
لم تقتصر آثار الدعوة على هذه المسائل فقط، بل كان لها أثر كبير في الحركة الفكرية في الجزيرة العربية خلال القرن الثامن عشر. ففي مراحلها الأولى ظهر بعض الشعراء والمؤرخين الذين اعتنقوا مبادئها، وأخذوا يدافعون عنها ويهاجمون خصومها. وكان في طليعة هؤلاء من المؤرخين عثمان بن بشر، وحسين بن غنام مؤرخا الدعوة المشهوران» (?) .
وبعد: فإن هذه الثمار الطيبة والنتائج المباركة قد ملأت سمع العالم وبصره ودان بها الموافق، واعترف بها المخالف، وإن جحدها المعاند والحاسد فلا يضرها ذلك. وهي بحد ذاتها الرد والجواب العلمي والعملي، والمنطقي والواقعي على سائر الشبهات والمفتريات، والدعاوى والاتهامات التي قيلت حول الدعوة، وإمامها وعلمائها ودولتها (الدولة السعودية في كل مراحلها) وأتباعها ومؤيديها.
فإنها بحمد الله الشجرة الطيبة التي قالت الحق، وعملت بالحق، ودعت إلى الحق، وأثمرت الحق، وماذا بعد الحق إلا الضلال؟
تنبيه:
أثر الدعوة على الدعوات التي عاصرتها، والتي جاءت بعدها إلى اليوم أثر مؤكد لا شك فيه ويتفاوت في درجته قوة وضعفًا، ومطابقة ومخالفة بحسب نوع التأثر والتأثير، واختلاف العوامل المؤثرة.
والذي يظهر لي أن هناك من الدعوات من يسير على المنهج في العموم كبعض أهل الحديث، وأنصار السنة في مصر والسودان.