أما محمود شكري الألوسي فكان مصلحًا دينيًا سلفيًا «جمع بين مبادئ الدعوة الوهابية في الرجوع إلى القرآن والسنة ومحاربة البدع الدينية والطرق الصوفية من ناحية، وبين مبادئ النهضة العلمية العربية الحديثة في الاهتمام بالعلوم غير الدينية مثل التاريخ والفلك من ناحية أخرى. من مؤلفاته «تاريخ نجد» الذي تناول فيه تاريخ نجد المعاصر وسيرة الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
أثر الدعوة الوهابية في المغرب العربي والسودان: وعن طريق الحج أيضًا انتقلت أفكار الدعوة الوهابية إلى المغرب العربي. إذ حملها إليه السيد محمد بن علي السنوسي (1787 - 1859) بعد عودته من مكة إلى وطنه الجزائر متأثرًا بتعاليمها، وأخذ ينشرها بين أبناء بلده. وبعد ذلك انتقل إلى برقة بليبيا حيث أسس طريقة دينية خاصة، فيها الكثير من الأفكار الوهابية، مثل ضرورة الرجوع إلى بساطة الإسلام الأولى التي كان عليها الرسول وصحابته، وتنقية العقيدة من البدع والخرافات التي شوهتها. ولكن تأثر السنوسية بالمفاهيم الصوفية بعد ذلك أبعدها عن فلك التعاليم الوهابية وأهدافها.
وتتفق الدعوتان أيضًا في الأخذ بالاجتهاد ومحاربة البدع بجميع صورها. وتختلفان في أن الحركة الوهابية لجأت إلى الجهاد لنشر تعاليمها وهداية الناس إلى أفكارها، بينما سلكت الحركة السنوسية الطريق الصوفي. وقد أعجب بمبادئ الدعوة أيضًا سلطان مراكش سيدي محمد بن عبد الله الذي كان يقول: إنني مالكي المذهب وهابي المبدأ (?) . كما تأثر بها صاحب الدعوة المهدية في السودان محمد بن أحمد بن السيد عبد الله (1885م) كما نجد أثرها الواضح في مؤلفات المفكر الجزائري المعروف مالك بن نبي.
أثر الدعوة في الحياة الأدبية للجزيرة العربية: اعتنق سكان الجزيرة العربية أفكار الدعوة الوهابية وتشددوا فيها، بعد أن زرعت فيهم بعض الثقافة، رغم أميتهم، لكنها كانت ثقافة دينية محورها تعاليم الدعوة، وأفكار ابن تيمية ومذهب أحمد بن حنبل. واستطاعت تعاليم هذه الدعوة أن تدفع الناس إلى حل قضاياهم عن طريق الشرع والقضاء بدلًا من وسائل العنف والعادات القبلية. كما استطاعت أن تقضي على حياة التشرد والترحال في البادية، وتغل أيدي