عليه وعلى أجداده من قبل، وأن ما وقع على آل سعود في أيامهم الأولى لم يكن إلا عقوبة لهم من الله لتهاونهم في أمر المحافظة على الدين، والانصراف إلى أمور الدنيا، وكذلك جلالة الملك سعود مد الله في عمره.
ولذا فإن المشايخ - من وقت لآخر - ما زالوا يقدمون النصيحة لإمامهم، ويوصونه بالمحافظة على الدين، والأخذ على أيدي المتهاونين به، إذا رأوا شيئا من التراخي والتهاون من ذوي النفوذ والسلطان، ففي أيام الإمام فيصل كان الشيخ عبد الرحمن بن حسن وولده الشيخ عبد اللطيف لا يتوانيان عن النصيحة، ولفت نظر الإمام إلى عماله ورعاياه، وتذكيره بعاقبة التفريط، وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم " (?) .
وسبق ذكر ما قاله الدكتور طه حسين مبينا أثر الدعوة على الحركة الدينية والأدبية والعلمية والفكرية والعقلية وسائر نواحي الحياة (في الفصل السابق) (?) .
ويقول محمد جلال كشك: " إذا كان محمد بن عبد الوهاب من ناحية العقيدة ليس بمبتدع، فهو من الناحية السياسية مجدد ومبتدع ومبدع، ولقد استطاع أن يوقف حركة التاريخ، ويلوي عنق الأحداث التي كانت تدفع العالم الإسلامي دفعا إلى التغريب، فمع الهزيمة الشاملة التي أصابت العالم الإسلامي أمام الغزو الأوربي الذي كاد أن يشبه القدر المحتوم، كان الظن أو اتجاه الأحداث هو خضوع العالم الإسلامي للقانون الحضاري العام، وهو فناء المهزوم بالاندماج في حضارة المنتصر.
فجاء الشيخ من أعماق نجد يعلن أن الإسلام هو الطريق، وأن المشكلة ليست في العقيدة، بل في الانحراف عنها، وأن العودة إلى جوهرها الصافي كفيل بإعطاء المسلمين القدرة على مواجهة التحدي الأوروبي وقهره، صحيح أنه لم يواجه قوة أوروبية بشكل مباشر وشامل، لا هو ولا خلفاؤه، فقد شغلتهم حروبهم مع الرافضين المسلمين والعرب، إلا أن انتصاراتهم على التخلف، وقدرتهم على خلق المحارب الذي يكاد ألا يقهر، عززت حجة