ربوعها راية التوحيد خفاقة، وعلت فيها معالم السنة، وزالت آثار البدعة والفرقة والجهل، وساد فيها الأمن والوفاق، بل تجاوز أثرها إلى بقية أقاليم الجزيرة العربية وإلى سائر أقطار المسلمين، فقام علماء ومصلحون، وقامت دعوات وحركات تسير على نهج هذه الدعوة السلفية النقية الصافية في الحجاز وعسير واليمن والشام والعراق ومصر والمغرب والسودان، وكثير من البلاد الأفريقية، وفي باكستان وأفغانستان والهند والبنغال وجاوة وسومطرة، وسائر الجزر الإندونيسية وغيرها.
وكان من أبرز ثمار هذه الدعوة قيام دولة إسلامية قوية مهيبة احتلت موقعا مرموقا بين دول العالم كله والعالم الإسلامي بخاصة، هي (دولة آل سعود) منذ أن ناصر مؤسسها إمام الدعوة وآزره على إعلاء كلمة الله، فقد كتب الله لها التمكين، وأعلنت التوحيد، وحكمت بشرع الله تعالى، ومع ما تعرضت له هذه الدعوة والدولة من تحديات كبيرة وخصوم أشداء إلا أنها كانت تنتصر في النهاية.
لقد تعرضت الدعوة والدولة (السعودية) في مراحلها الأولى لضربات موجعة، لكنها كانت - حين قامت على التوحيد والدين والعدل والسنة - لا تلبث أن تنهض قوية فتية لأنها كانت تسكن القلوب، وقد ذاق الناس في حكمها طعم الإيمان والأمن والعلم والاجتماع.
ولا يزال الأنموذج الحي للدعوة ودولتها قائما - بحمد الله - تحتله هذه البلاد المباركة (المملكة العربية السعودية) التي أرسى قواعدها الملك عبد العزيز طيب الله ثراه على الأسس المتينة التوحيد والشرع والعلم، وبناء دولة حديثة تجمع بين الأصالة في تحكيم شرع الله وحمايته والدعوة إليه وتعظيم شعائره وخدمة مشاعره، وبين المعاصرة بالأخذ بأسباب القوة والنهضة والرقي من غير إخلال بالدين والفضيلة.
ونسأل الله لهذه الدعوة وهذه الدولة المزيد من التمكين والنصر والتوفيق، وأن يجمع بها كلمة المسلمين على الحق والسنة.
وهذه الآثار الطيبة والثمار البالغة الممتدة طيلة قرنين ونصف هي الرد العملي والعلمي، الشرعي والمنطقي والواقعي على مفتريات الخصوم، ففي الحال ما يغني عن المقال، لكن حين عميت أبصار أهل الأهواء وبصائرهم عن إدراك الحقيقة والاعتراف بها، وحين حجبت الحقائق عن الجاهلين، كان لا بد من تجلية الحقيقة، والله المستعان.