«وهكذا فتح الشيخ باب الاجتهاد على مصراعيه، وكتب إلى الشريف غالب يقول: «فإن كانت المسألة إجماعًا فلا كلام، وإن كانت مسألة اجتهاد، فمعلومكم أنه لا إنكار في مسائل الاجتهاد» .
لا شك أنه كان أكثر تقدمية وانفتاحًا من المتكلم عن شيوخ مكة، بل وأكثر قربًا لروح الإسلام في الحوار المشهور بين علماء الوهابية وعلماء مكة. فقد قال الشيخ الحنفي المذهب: أنا لا أقبل إلا ما قاله إمامي أبو حنيفة لأنني مقلد له فيما قاله، ولا أقبل أن تقول لي: قال رسول الله أو قال ذو الجلالة؛ لأن أبا حنيفة أعلم مني ومنك بقولهما» .
وهكذا نرى أننا نظلم الشيخ ونظلم دعوته، بل نظلم السلفية والسلفيين عندما نتحدث عنهم بالمفهوم السوقي الشائع» .
«فالدولة السعودية، أو الثورة الوهابية كانت ضد التخلف العثماني، كانت محاولة للإفلات من السفينة العثمانية الغارقة، والتي لم يبق بها إلا طابور انكشاري يعترض طريق كل من يحاول سد خروق السفينة» .
«لم يحس أحد في القاهرة ولا مكة ولا حتى الأستانة بسقوط بخارى وسمرقند والقوقاز، مع أنها أعرق في تاريخ الإسلام وحضارتها من بلجراد وسالونيك والأستانة ذاتها، وشعوبها مسلمة مائة بالمائة منذ القرن الأول الهجري. . . ولكن هذه العواصم تنبهت مذعورة على مدفعية الأساطيل الأوروبية عند الشواطئ العربية. . . وبدأ الحديث عن «انقلاب المطبوع» والبحث عن تفسير لظاهرة انتصار الكفار على المؤمنين أو اختلال الناموس كما قالوا! .
«وطرح السؤال بعنف: ما العمل؟ كيف نواجه هذا التحدي؟ وكانت أول إجابة طرحت في العالم العربي، وما زالت آثارها حية إلى اليوم، هي المنهج السعودي، الذي طرحه «محمد بن عبد الوهاب» وتبناه «محمد بن سعود» وهو «لا ينتصر آخر هذا الدين إلا بما انتصر به أوله»
فاجأ ابن عبد الوهاب الجميع بإعلان أنه لا خطأ في الناموس. . . لا خطأ في قوانين الكون، فالكفار لم يهزموا المؤمنين، بل هزموا كفارًا عادوا للشرك فخسروا الدين والدنيا!» .
«فإن مظاهر الوثنية كانت قد تفشت في أنحاء العالم الإسلامي، ليس فقط في الاعتقاد بالمشايخ والأولياء، وأصحاب الطرق، بل حتى في الاعتقاد ببركة أحجار وأشجار،