إن دعوة محمد بن عبد الوهاب ليست «نظرية» أو كتابًا ألفه ليقرأه الناس، ولكنها منهاج رسمه، وقام وراءه يدعو إلى العمل به، بالموعظة أولًا، ثم بالقوة. . . قوة دولة الإسلام التي قامت على أساس الشرع وحده.
فمنهاج الشيخ ليس إصلاحًا دينيًا خالصًا، بالمعنى الذي يفهمه الأوروبيون اليوم؛ لأنهم يفرقون بين الدين والدنيا، ويجعلون الدين صلة خاصة بين العبد وخالقه، لا يُحمل الناس على اتباعه بالقوة، ثم هم يفرقون بين الدين (أو الشرع) وبين القانون، ويقولون إن الدولة تلزم الأفراد بالقانون الذي تضعه هي لهم، ولكنها لا تلزمهم بالشرع، بل قد يخالف قانونها الشرع! .
إن الإسلام وحدة، دين ودنيا، ودعوة الشيخ لذلك، دعوة جامعة للأمور الدينية والسياسية» (?) .
ويقول الدكتور عبد الرحيم عبد الرحمن عبد الرحيم: «يطلق بعض الكتاب على «الدعوة السلفية» اسم «المذهب» ، كما يطلق عليها البعض الآخر اسم «الوهابية» ، والحقيقة أن استعمال هذين الوصفين للدعوة غير دقيق، فهي ليست بمذهب جديد في الإسلام، حتى يصح إطلاق لفظ المذهب عليها، بل إن صاحب الدعوة نفسه كان حريصًا على أن يؤكد للناس أنه لا يدعوهم إلى مذهب جديد في الإسلام، وذكر في رسائله قائلًا: «فإني لم آت بجهالة، بل أقولها، ولله الحمد والمنة وبه القوة إنني هداني ربي إلى الصراط المستقيم، دينا قيمًا ملة إبراهيم حنيفًا، وما كان من المشركين، ولست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو غيره. . . بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها أول أمته وآخرهم» (?) .
«أما وصف الدعوة بالوهابية، فقد أطلقه عليها خصوم الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حتى يبرهنوا للناس أن مبادئه التي يدعو إليها بدعة جديدة خارجة على مبادئ الإسلام، بل إن أعداء الدعوة من الترك، ومن جاراهم غالوا في ذلك ووصفوا أتباع الدعوة بالروافض والخوارج،