الصريحة التي تضاد دين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، والتي هي أعظم سبب لاستيلاء عباد الصليب على بلاد المسلمين، فهو يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسأله النصر والعون من دون الله، وهذا هو السبب الأول في هوان الدولة التركية وسقوطها، بل وهوان المسلمين عموما، ومع ذلك فإن الإمام وأتباعه لم يعلنوا الخروج على الخلافة، ولم يواجهوها ابتداء بأي شيء يدل على الخروج، ولما صارت لهم دولة وكيان وسلطان لم يعلنوا الخروج على الدولة العثمانية كذلك، لكنهم تعرضوا لعدوان مسلح وبكل الوسائل، ومتكرر من المجاورين لهم من أمراء الأحساء والحجاز ونجران وغيرهم، فكان من المشروع والطبيعي أن يصدوا العدوان بالجيوش والقتال.
وحين حدثت المواجهة الفعلية بين دولة الدعوة (الدولة السعودية الأولى) وبين أشراف مكة بعد وفاة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب (ت 1206) ، فلم تكن هذه المواجهة تقصد الخروج على الخلافة، إنما كانت لصد عدوان أشراف مكة وغيرهم في هجومهم المسلح مرات عديدة على الدولة السعودية ورعاياها والأقاليم التابعة لها.
ولرفع الظلم الذي تعرض له النجديون من منعهم من الحج سنين طويلة، وتعرضهم لصنوف العدوان، وما يستتبع ذلك من إزالة مظاهر الشرك والبدع ونشر التوحيد والعدل والأمن الذي هو هدف شرعي للدعوة، فزحفت جيوش الدعوة إلى الحجاز حتى دخلت مكة سلما بلا حرب.
فكان دخول مكة من قبل الأمير سعود بن عبد العزيز سنة (1218 هـ) صلحا بغير قتال، بل بأمان لأهل مكة، وبإقرار شريف مكة (عبد المعين) على إمارة مكة بعدما هرب منها الشريف (غالب) إلى جدة، وإقرار قاضيها المعين من الدولة العثمانية.
وقد أرسل الأمير سعود إلى السلطان سليم، واعترف له بلقب السلطان وأخبره بما حدث من هدم أشباه الوثنية، وإلغاء الضرائب، ونشر التوحيد والسنة والأمن والعدل.
وطلب منه أن يمنع " والي دمشق ووالي القاهرة من المجيء إلى هذا البلد المقدس بالمحمل والطبول والزمور، فإن ذلك ليس من الدين في شيء " (?) ولم يمنعهم من الحج كما يزعم الخصوم.