دعوى أنهم يرون أن من لم يدخل في دائرتهم فهو كافر، وأن داره دار حرب. وقد أجابوا على هذه الفرية، وأعلنوا براءتهم من هذه المقولة، فقد سئل أبناء الإمام: محمد بن عبد الوهاب، من لم تشمله دائرة إمامتكم، ويتسم بسمة دولتكم، هل داره دار كفر وحرب على العموم؟ فأجابوا: «الذي نعتقده وندين الله به، أن من دان بالإسلام، وأطاع ربه فيما أمر، وانتهى عما نهى عنه وزجر، فهو المسلم حرام المال والدم، كما دل على ذلك الكتاب والسنّة وإجماع الأمة، ولم نكفر أحدًا دان بدين الإسلام؛ لكونه لم يدخل في دائرتنا، ولم يتسم بسمة دولتنا، بل لا نكفر إلا من كفر الله ورسوله، ومن زعم أنا نكفر الناس بالعموم، أو نوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه ببلده، فقد كذب وافترى» (?) .
وهم كذلك لا يحكمون على بلاد غيرهم من المسلمين بأنها دار كفر كما يزعم خصومهم:
فقد أجاب الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين، - رحمه الله -: البلدة التي فيها شيء من مشاهد الشرك، والشرك فيها ظاهر، مع كونهم يشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، مع عدم القيام بحقيقتها، ويؤذنون، ويصلون الجمعة والجماعة، مع التقصير في ذلك، هل تُسمى دار كفر، أو دار إسلام؟ قال: «فهذه المسألة: يؤخذ جوابها مما ذكره الفقهاء، في بلدة كل أهلها يهود، أو نصارى، أنهم إذا بذلوا الجزية، صارت بلادهم بلاد إسلام؛ وتسمى دار إسلام، فإذا كان أهل بلدة نصارى، يقولون في المسيح أنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، أنهم إذا بذلوا الجزية سُميت بلادهم بلاد إسلام، فبالأولى فيما أرى: أن البلاد التي سألتم عنها، وذكرتم حال أهلها، أولى بهذا الاسم، ومع هذا يُقاتلون لإزالة مشاهد الشرك، والإقرار بالتوحيد والعمل به.
بل لو أن طائفة امتنعت من شريعة من شرائع الإسلام، قوتلوا وإن لم يكونوا كفارًا ولا مشركين، ودارهم دار إسلام؛ قال الشيخ تقي الدين: أجمع العلماء على أن كل طائفة