وصفاته، وأفعاله، وأحكامه التي أصلها: توحيده وعبادته وحده لا شريك له، وهذا: مضاد للإيمان من كل وجه. وأما: كفر العمل، فمنه ما يضاد الإيمان، كالسجود للصنم، والاستهانة بالمصحف، وقتل النبي صلى الله عليه وسلم، وسبه وأما: الحكم بغير ما أنزل الله، وترك الصلاة، فهذا كفر عمل لا كفر اعتقاد وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفاراً، يضرب بعضكم رقاب بعض» (?) وقوله: «من أتى كاهناً، فصدقه أو امرأة في دبرها، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم» (?) فهذا: من الكفر العملي؛ وليس كالسجود للصنم، والاستهانة بالمصحف، وقتل النبي صلى الله عليه وسلم وسَبّه، وإن كان الكل يطلق عليه الكفر.
وقد سمى الله سبحانه: من عمل ببعض كتابه، وترك العمل ببعضه، مؤمنًا بما عمل به، وكافرًا بما ترك العمل به، قال تعالى: {تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ} [البقرة: 84] إلى قوله {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} [البقرة: 85] [سورة البقرة، آية: 84 - 85] فأخبر تعالى: أنهم أقروا بميثاقه، الذي أمرهم به والتزموه، وهذا يدل على تصديقهم به، وأخبر: أنهم عصوا أمره، وقتل فريق منهم فريقًا آخرين، وأخرجوهم من ديارهم، وهذا: كفر بما أخذ عليهم، ثم أخبر أنهم يفدون من أُسر من ذلك الفريق، وهذا إيمان منهم بما أُخذ عليهم في الكتاب، وكانوا مؤمنين بما عملوا به من الميثاق، كافرين بما تركوه منه.
فالإيمان العملي: يضاده الكفر العملي؛ والإيمان الاعتقادي: يضاده الكفر الاعتقادي؛ وفي الحديث الصحيح: «سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» (?) ففرق بين سبابه، وقتاله، وجعل أحدهما فسوقاً، لا يكفر به، والآخر كفرًا، ومعلوم: أنه إنما أراد الكفر العملي، لا الاعتقادي، وهذا الكفر: لا يُخرجه من الدائرة الإسلامية، والملة الكلية، كما لم يخرج الزاني، والسارق، والشارب من الملة، وإن زال عنه اسم الإيمان.