إذن فهذه الحركة المباركة لم تكن إلا معبرة عن الإسلام نفسه، مستهدفة إحياء ما اعترى تطبيقه من قبل كثير من المسلمين من غشاوة وجهل وإعراض وبدع.
وحيث قد اشتهرت عند غير أهلها، وعند الجاهلين بحقيقتها باسم (الوهابية) فإن هذا الوصف انطلق أولًا من الخصوم، وكانوا يطلقونه على سبيل التنفير واللمز والتعيير، ويزعمون أنه مذهب مبتدع في الإسلام، أو مذهب خامس. وهذا ظلم.
فهي ليست سوى الإسلام والسنة كما جاء بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وسار عليها السلف الصالح.
ولم يكن استعمال هذا الوصف مرضيًا ولا شائعًا عند أتباعها، ومع ذلك صار لقب (الوهابية) وتسمية الدعوة الإصلاحية السلفية الحديثة به هو السائد لدى الكثيرين من الخصوم وبعض الأتباع والمؤيدين والمحايدين (تنزلًا) .
بل تعدى الأمر إلى التوسع في إطلاق (الوهابية) على أشخاص وحركات منحرفة عن المنهج السليم، وتخالف ما عليه السلف الصالح وما قامت عليه هذه الدعوة المباركة، وهذا بسبب تراكمات الأكاذيب والأساطير التي نسجت حول الدعوة وأهلها بالباطل والبهتان.
إن أتباع هذه الحركة لا يرون صواب هذه التسمية (الوهابية) ولا ما انطوت عليه من مغالطات وأوهام، لاعتبارات مقنعة كثيرة شرعية وعلمية ومنهجية وموضوعية وواقعية، تتلخص فيما أشرت إليه من أنها تمثل تمامًا الإسلام الحق الذي جاء به النبي - صلى الله عليه وسلم - ومنهج السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن سلك سبيل الهدى، وإذن فحصره تحت مسمى غير الإسلام والسنة خطأ فادح وبدعة محدثة ومردودة.
كما ذكرت أن هذه الدعوة وأتباعها ودولتها (الدولة السعودية في مراحلها الثلاث) قد واجهت، ولا تزال تواجه، تحديات كبرى كلها ترتكز على المفتريات والاتهامات، والشائعات والأكاذيب والأساطير التي لا تصمد أمام البحث الشرعي العلمي الأصيل والمتجرد.
وإن كان الناقدون قد يجدون في تجاوزات بعض المنتسبين للدعوة ما يتذرعون به في نقدها، لكن عند التحقيق تزول هذه التهم.
إذ إن الناظر في المفردات الجزئية لكل دعوة أو مبدأ، قد يجد فيها الكثير من الأخطاء والتجاوزات والتصرفات الشاذة والأقوال النادة والأحكام الخاطئة، أو الأمور المشكلة والمشتبهة التي تحتاج إلى تثبت أو تفسير أو تدقيق أو استقراء للوصول إلى حكم علمي تطمئن إليه النفس.