والنذر لغير الله، وكثرت عندهم الشركيات والبدعيات ووسائلها، من القباب على القبور والمشاهد وتعظيم الأشجار والأحجار، وتقديس الأشخاص الأموات والأحياء.
مما جعل الأمة تصاب بحياة الذلة والهوان والشتات، مما مكَّن للأعداء المحتلين من انتهاك أكثر بلاد المسلمين.
ظهور دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب:
في هذه الظروف الصعبة والأحوال السيئة، والأزمان الحالكة، بدأت أنوار الحق والخير تشع في الأفق، حين شرع الإمام محمد بن عبد الوهاب بالنهوض بدعوة التوحيد والسنة، في منتصف القرن الثاني عشر الهجري، وكان ذلك في حياة والده، وكان والده يشاطره هموم الدين والأمة، لكنه كان بحكم الإشفاق عليه يأمره بالتؤدة والأناة، وبعد أن توفي والده عام (1153هـ) شرع الإمام في كشف الحقيقة؛ يقرِّر التوحيد، ويعلن السنة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، وينكر البدع والمحدثات في العقيدة والعبادات والعادات، وينشر العلم، ويفضح أحوال الجاهلين وأهل البدع والأهواء والشهوات، ويقيم الحدود.
حينئذٍ اشتهر أمره، وذاع صيته والتف حوله المخلصون والمصلحون، والغيورون، لا سيما حين شرع يقطع الأشجار التي يقدسها الناس في العيينة، ثم هدم القبة التي على قبر زيد بن الخطاب - رضي الله عنه - ورجم الزانية التي اعترفت عنده بعد أن توافرت عنده شروط الحد. ولما فعل هذه الأمور ذاع صيته، واشتهرت دعوته، وكثر مناصروه وخافه المرتابون، وانقسم الناس عليه.
ومن هنا بدأت ردود الأفعال من خصومه من أهل البدع والأهواء والغوغاء، والحسَّاد، وأهل المطامع والمنتفعين مما عليه الحال السيئة الذين شرعوا بالدعاية المضادة، وراسلوا واستعدوا الناس في الداخل والخارج، لا سيما أمراء الأحساء، ثم ولاة الحجاز ونجران الذين استجابوا للمحرضين وبدأت مرحلة المقاومة المباشرة، والتي تمثلت بإعلان المعارضة الجادة للدعوة، وإعلان الحرب ضدها من كل وجه: دينيًا وسياسيًا وإعلاميًا وعسكريًا واقتصاديًا، مما سنتعرض لشيء منه في هذا الكتاب - إن شاء الله.