الواجب على ولاة الأمور ... فلا بدَّ من الإيمان به - أي بالنبي صلى الله عليه وسلم - ولا بد من نصرته لا يكفي أحدهما عن الآخر. وأحقُّ الناس بذلك وأولاهم أهل البيت الذين بعثه الله منهم، وشرَّفهم على أهل الأرض. وأحقُّ أهل البيت بذلك من كان من ذريته صلى الله عليه وسلم» (?) .
على أن هذه الرسالة اللطيفة لم تُجن منها الثمار المرجوَّة. ذلك أن الشريف أحمد نفسه لم يبق في الحكم أكثر من سنة (?) . فتلاشى ما دار في ذهن الشيخ من أمل، واستمر منع أنصاره من أداء الحج. ومع مرور الأيام لم يكتف أشراف مكة بذلك المنع؛ بل بدءوا بمهاجمة الأراضي النجدية التابعة للدولة السعودية عام (1205هـ م) (?) . وكانت النتيجة أن انتصر السعوديون في نهاية المطاف على أولئك الأشراف حتى دخلت الحجاز تحت حكمهم (?) .
ولم يكن موقف زعماء بني خالد من دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب والدولة السعودية أقلَّ عداوة من موقف أشراف مكة» (?) .
إن الدعوة لم تكن تملك (في مراحلها الأولى) من وسائل الإغراء ما يملكه خصومها من المال والجاه والمنافع المادية، وبهارج الدنيا وزينتها ما يرغب الناس فيها، ويجذب النفعيين والغوغاء، وأصحاب المطامع إليها، لكنها بالمقابل كانت تملك الجاذبية الفطرية، جاذبية الإيمان والتوحيد، والحق والبرهان والعقل السليم، والدين القويم. وتلكم والله مقومات السعادة الحقيقية التي تنشدها البشرية، والتي من تذوقها تشبث بها، وبذل أغلى ما يملك فداءً لها.
وهذه الجاذبية الساحرة هي السر الذي جعل من تأثر بهذه الدعوة (بالإسلام الحق) يتميز بالقوة والثبات والتضحية في سبيل الله.