وكانت دولتهم قد قامت بالبحرين سنة (281هـ) ، وهم يوافقون بني أخيضر في انتحال التشيع، فلما قويت القرامطة صارت الأخيضرية تتبعها منذ سنة (317هـ) تقريبًا، وكان لهيمنة هاتين الدولتين على نجد خلال هذه الأحقاب أثر بالغ السوء في انتشار الجهل والبدع والمحدثات والتقاليد الجاهلية، وشيوع البناء على القبور، والمشاهد والآثار واندراس الكثير من السنن، وصرف المسلمين عن إخلاص العبادة لله وحده، إلى التعلق بالمخلوقين، إلى أن جاءت دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب المباركة فأنقذ الله بها العباد والبلاد من أوضار الشركيات والبدع والجهل والفرقة والضعف والهوان، إلى التوحيد والسنة والعلم والجماعة، والقوة والعزة.
وفي الفترة ما بين نهاية الأخيضريين والقرامطة في منتصف القرن الخامس الهجري بقيت نجد ممزقة مشتتة بين زعامات وإمارات صغيرة متنازعة، أو ولاءات رمزية (?) لبعض الولايات المجاورة، ومشيخة القبائل والعشائر المتنافرة.
نجد في عهد الأتراك: وكذلك أمر نجد في عهد العثمانيين، لم يكن أحسن حالًا، إذ لم تكن الدولة العثمانية (الأتراك) تأبه بنجد وأحداثها، وليست عندها ذات شأن؛ ولذلك لم يكن لها على نجد سلطة مباشرة، بل كانت مهملة تتنازعها الإمارات المحلية، أو المجاورة، وكان قد اقتصر وجود الدولة العثمانية في جزيرة العرب على اليمن والحجاز والبحرين (الأحساء) وقد يكون لوالي الأحساء من قبل الأتراك شيء من الإشراف غير المباشر على نجد واليمامة بخاصة.
وقد انقطع ذلك باستقلال زعيم بني خالد براك بن غرير بالأحساء عن الدولة العثمانية سنة (1080هـ) .
وكذلك من جهة الحجاز لم يكن هناك نفوذ فعلي للأتراك على نجد، وإن كان بعض الأشراف قاموا بغزو بعض البلاد النجدية غزوات متفرقة ما بين سنة 986هـ وسنة (1107هـ) لكن لم يكن لهم استقرار يذكر، ولم يكن للأتراك عليهم سيادة فعلية، عدا التبعية الشكلية والرمزية أحيانًا.