وإذا أردت زيادة إيضاح عن الشيخين خلف بن أبي سعيد وأخيه محمد بن أبي سعيد في أهل عمان، فقد ذكرهما الأمام السالمي رحمه الله في تحفته، في الأحوال الواقعة بين بني هناءة وسليمان بن المظفر، حيث قال: وكان بنو هناءة من أقرب الناس إلى سليمان بن مظفر، وكانوا هم أكثر عدداً وعدة وبأساً وشدة، وكان فيهما رجلان يليان أمرهما، وهما خلف بن أبي سعيد وسيف بن محمد بن أبي سعيد، وكانا عنده قدوة أهل زمانهم، فافترقوا، وذكر سبب الفرقة.. إلى أن قال: فعند ذلك سار خلف بن أبي سعيد إلى داره بلاد سيت، هو وبنو عمه، وكان سليمان بن مظفر يومئذ بالبادية، فعلم بذلك، إلى أن قال: فندب سليمان بن مظفر وزيره أن أفعل في أموال بني هناءة من القرية من كدم، وكانت تلك الأموال للشيخ خلف بن أبي سعيد، فوقعت العداوة والبغضاء بينهما، فأمر عند ذلك الشيخ خلف بني عمه أن أغزوا بهلى، فغزوها، فقتلوا من قتلوا منها، إلى آخر الأمر بينهم، على هذا الحال، ثم قام بالأمر بعد ذلك سيف بن محمد بن أبي سعيد اه، وطال الخطب بينهم وسليمان بن مظفر وأمراء بني نبهان، حتى ظهر هذا البطل المقدام أحمد بن سعيد فرعاًمن ذلك الأصل، ليكون ملك عمان، ولسنا مشغولين الآن بالسير والتاريخ، ولكل مقام مقال، وإنما توسعنا في ذكر آل بو سعيد، لأنا قرأنا عنهم في السير الأجنبية، عن أضدادهم ما ساءنا، والحق هو المطلوب، وغير الحق هو المردود، ولا بدع إذا تاقت نفس أحمد بو سعيد إلى الملك، فأنه من ذلك العنصر المتغذي بماء الشرف الجاري في أعمدة المجد، والله يأتي ملكه من يشاء، فهذا نسب آل بو سعيد، فليأخذه من يريد أن يكتب عنهم، والله أعلم.
ومن الأزد بعمان الشحوح، وهم من لقيط بن الحارث بن مالك بن فهم وهو الملقب عند أهل عمان شح حين شح بالصدقة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وبسببه كانت وقعة دبا، وهي من الوقائع الكبرى.
والشحوح هم أولاد لقيط المذكور، وهو المعروف بذي التاج، أي ادعى الملك بعمان له، وتلقب بذي التاج.
ومنازل الشحوح بالساحل الشمالي من عمان غير مجهولة، وهم كثيرون بالنسبة إلى جيرانهم من القبائل الأخرى، منتشرون بتلك الأطراف من خضب إلى رأس الخيمة، إلى الجبال المعروفة بجبال الشحوح، المتصلة بسلاسل الجبال المرتفعة باتصال إلى وادي العور وتمتد إلى البريمي.
وسمي ذا التاج كما قلنا، لأنه ادعى الملك له عن بقية أولاد مالك بن فهم. ومنهم الشيخ العلامة الفقيه الدراكة كعب بن سور أو ابن سوار، قاضي عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في البصرة، ولاستقضائه سبب يذكره المؤرخون.
فبنو لقيط هم الشحوح، ووقعة دبا معهم، وأصلها منهم، وقد ذكرها المؤرخون على غير وجهها، وأطالوا فيها وأطنبوا، وبها نسوا الردة لأهل عمان، فإن عند أهل الخارج ما كان من قطر تشريقاً كله عمان، وما ينفعل في تلك الأطراف ينسب إلى أهل عمان، نسبة فارغة، ودعوى شاردة، لاتحقيق لها عند أهل الحق. وقد سجل التاريخ ما كان لأهل عمان من السبق إلى الأسلام، عندما وافاهم السيد عمرو بن العاص بن وائل رضي الله عنه، الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم، إلى عبد وجيفر ابني الجلندى، ومن معهما من أهل عمان، يدعوهم إلى الأسلام، وقصته معهم مشهورة، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل عمان، كما في حديث رواه مسلم في صحيحه وغيره من أئمة الحديث، ولله الحمد والمنة
ومن الأزد بعمان بنو جهضم بن عوف بن مالك بن فهم. وبنو جهضم كأخوتهم بني مالك بن فهم في شؤونهم، ولهم سمد الشان من شرقية عمان، وإن شاركهم فيها غيرهم من القبائل، فسمد تضاف اليهم، ونسبتها إليهم، فيقال سمد الجهاضم، وكما يقال سمد الشان، وقد سميت يمد الشان بعد أيام الأمام عزان ابن تميم، لما وقع فيها من الشان العظيم، ويوجد منهم فريق في وادي الطائيين مواطنون كغيرهم. وفيهم أعيان وأخيار، ومن أهل العلم فيهم الآن، سليمان بن راشد، أحد قضاة حكومة مسقط، الموجود حالياً قاضياً بظفار.
وبنو جهضم رجال أحرار من أعمدة الرجال، ولكن الغالب على القبائل القديمة، التأخر في هذه العصور القديمة.