الوطنية هي الصورة الكلامية التي تحظى بتأييد الحكومة، وتدرس -نظريًا على الأقل- في مدراس الدولة.
وكثيرًا -ولكن ليس دائمًا- ما تتطابق اللغة الوطنية مع اللغة الأدبية literary language التي تؤدي بها معظم الأعمال الكتابية، وقد كان هذا هو الحال مع اللغة الفلورنتية التوسكانية Florentine Tuscan في إيطاليا، وإن تم ذلك بعد إدخال تعديلات كبيرة والاستفادة من اللهجات الأخرى، وغالبًا ما يكون للهجة شكل أدبي ونتاج أدبي، وربما -من أجل ذلك- وصفت بأنها لغة أدبية، هكذا كان الحال مع اللهجة البيكاردية picard في العصور الوسطى بفرنسا، ومع لهجة نابولي الحديثة modern Neapolitan، ولكن ظهور اللغة الوطنية -على أي حال- يثبط الهمم في استعمال اللهجات للتعبير عن الإحساسات الأدبية.
اللهجات إذن تعتبر شكلا محليًا للكلام يستعمل في محيط واسع. وإن كان من الممكن أن تصنف اللهجات إلى وحدات كبيرة على أساس من سماتها العامة، فإن البحث الدقيق قد أثبت أن مثل هذا التصنيف -على الرغم من فائدته- يعد من صنع الخيال إلى درجة كبيرة. لا يوجد -من الناحية الموضوعية- شيء كهذا في الولايات المتحدة الأمريكية مثلا؛ فلا يوجد ما يمكن أن يسمى لهجة جنوبية، أو لهجة غربية وسطى، أو لهجة نيو إنجلاند، ولكن توجد سلسلة من الخصائص المحلية غير المتناهية مع بعض ملامح مشتركة من ناحية وملامح متباينة -من إقليم إلى إقليم- من ناحية أخرى. وعلى أساس من الحقيقة المطلقة، فإن كل مدينة أو بلدة أو قرية لها لهجتها الخاصة. وقد وضع الفرنسيون لهذه الصورة الكلامية المحلية غير المكتوبة اسم patois. ولو ذهبنا بالتحليل أبعد من ذلك لأمكننا أن نقول إن كل شخص على حدة له خصائصه النطقية المختلفة التي تميزه عن غيره، حتى ما بين أعضاء أسرته القريبين، والتي تسمح لأصدقائه ومعارفه بأن يميزوه في حالة عدم رؤيته عن طريق صوته. هذه الصورة