والنساء- ليس فقط أن يتقوا بعض اللغات الأجنبية بل أن يلموا كذلك بالمبادئ الأساسية لعلم اللغة، وأخيرا، ليس مما يثير الدهشة أن يلقى علم اللغة اهتمام المثقفين والمتعلمين من غير المتخصصين في الدرس اللغوي بعد أن لفت نظرهم احتلال اللغة واللغات مكانا بارزا في الأخبار اليومية، وترفع أدائها دورا أكبر في عالم الغد، حيث تتقدم وسائل الاتصال، وتتوثق العلاقات الدولية، سواء على مستوى الأعمال الحرة أو الدبلوماسية.
وغايتي من هذا العمل المختصر -إلى حد ما- أن أقدم الحقائق الأساسية لعلم اللغة في لغة يمكن أن يفهمها كل الناس، وأعني بالحقائق الأساسية تلك الأحكام التي يمكن إثباتها وإقامة الدليل عليها بسهولة، والتي تعد محل اتفاق بين جميع اللغويين، ولا تتضمن هذه الحقائق إلا ما يعد مقدمة للمبتدئين تفتح أمامهم نافذة لينطلقوا منها إلى مجالات هذا العلم الواسعة، أما التفصيلات، ونقاط الخلاف الرئيسية فيمكن الإطلاع عليها في بعض المراجع المتقدمة.
وهناك معلومات إضافية أكثر ميلا إلى التخصص تحتوي عليها الملاحق التي ذيلت بها الكتاب. وسوف يستفيد بهذه الملاحق هذا النوع من القراء الذي يريد أن يستكشف آفاقا أكثر تعقيدا، أو يقف على أنواع معينة من المعلومات ذات الصلة الوثيقة بأبحاث علم اللغة، أما القارئ الأكثر طموحا الذي يريد أن يغطي جوانب العلم المختلفة فقد أعددت له قائمة منتقاة من المراجع راعيت فيها أن تمثل الاتجاهات المختلفة وتعكس الآراء المتعارضة.
إن الجدل في مجالات العلوم ليس أمرا طبيعيا عاديا فحسب، بل هو أمر مرغوب فيه. قد تكون الحقيقة الموضوعية شيئا واحدا، ولكن جوانبها المختلفة تسمح بتفسيرات متنوعة تكون محل خلاف، وما جاء من وجوه نقد للمدارس والمناهج اللغوية في ملاحق الكتاب لا يمثل إلا رأيًا شخصيا، ونظرة