...
القسم الثامن: تاريخ موجز لعلم اللغة
العصور القديمة والوسطى:
لقد كان القدماء -حتى في عصور التوراة- على وعي باللغة ومشكلاتها، كما هو ثابت من الفصل الخاص ببرج بابل الوارد في سفر التكوين، وهناك نجد الكاتب المجهول يعكس أمنيته على الماضي حين تخيل أن البشرية كانت في وقت من أوقات سعادتها القديمة تتفاهم بلغة واحدة وكلام واحد.
ولكن الإنسان نتيجة لكبريائه الحمقاء، وتحديه للإله فقد هذه القدرة الذهبية التي كانت تمكنه من الفهم الكامل، والمشاركة مع غيره في العمل.
وهذا ما توقف واختفى داخل حالة وصفت بأنها مؤسفة، وهي تعدد اللغات، ويعد ذا أهمية خاصة للغوي هذا الاعتراف بالدور الهام الذي تلعبه اللغة، والتفاهم اللغوي في العلاقات الاجتماعية.
ومن الأمثلة القديمة للاهتمامات اللغوية البدائية استخدام المترجمين في بلاط الفراعنة, والنقوش القديمة المكتوبة بلغتين أو ثلاث المحفورة على الحجارة في المناطق التي كانت تستخدم أكثر من لغة، وحتى كذلك معجم الأنواع المزدوج اللغة الموضوع باللغتين السومارية والأكادية.
وأما الاهتمام المقصود باللغة ومشاكلها فيبدأ مع فلاسفة اليونان القدماء والنحاة السنسكريتيين, وفي حين ناقش الأولون أصل اللغة وطبيعتها حاول الآخرون أن يقننوا لغتهم، ويضعوا لها القواعد الخاصة بها. وإن المنهج الذي