إن السؤال الذي يسأل دائما هو كم من الناس في بلد معين قد درسوا لغة ثانية لدرجة الإتقان؟ والإجابة تأتي دائما بشكل واحد في صورة تقدير جزافي أو تخمين عشوائي. ولهذا فإن من اهتمامات علم اللغة الجغرافي أن يعرف -بدرجة ما من الدقة على الأقل- ليس فقط اللغات الأجنبية التي تدرس في كل قطر من أقطار الأرض، ولكن أيضا النسب المئوية من السكان، ومدى الجدية في التعلم، ودرجة الاستمرار، ومقدار الإتقان.
وهنا تجد الأرقام التي بين أيدينا مضللة. ولربما كان صحيحا أن نقول: إن نسبة 20% من طلبة مدارسنا الثانوية وكلياتنا قد درسوا أو يدرسون لغة أجنبية، أو أن نتحدث عن خيبة الأمل حين نعرف عدد اللغات الأساسية التي تدرس عندنا، أو أن نحاول وضع أرقام وبيانات بناء على إحصاءات المدارس الدقيقة لعدد المترددين عليها من دارسي اللغات الأجنبية. ولكن هذا النوع من البيانات لا يكشف عن الفروق بين مستويات التعليم في البلاد المختلفة، ولا بين أوجه المفارقة بين بلادنا وهذه البلاد، التي تتسم برامج تعليم اللغات الأجنبية فيها بالطول والصعوبة. كذلك يعجز مثل هذا النوع من البيانات عن أن يأخذ في اعتباره الأرقام المتعلقة بالتعليم الخاص مثل مدارس رضي الله عنهerlitz للغات، وتلك المعلقة بالدروس الخصوصية في المنزل، أو بالتعليم عن طريق التسجيلات، أو غير ذلك من الطرق. وهنا مرة ثانية يكون تضمين تعداد السكان بعض الأسئلة الخاصة بالقدرات اللغوية ذا فائدة عظيمة. وحتى إذا كانت الدقة المطلقة مستحيلة التحقيق فإنه يمكن على الأقل أخذ نماذج وافية للمجموع العام للسكان، وعينات تساعد على التنبؤ بالنتائج، وهو ما يعرف بطريقة Gallup poll. وربما كان مهما كذلك لعالم اللغة الجغرافي أن يعرف -إن وجد- الهدف أو الأهداف التي يرمي إليها أي برنامج لغوي