من الصعب أن يثبت الباحث أن سبق زمني لأي من علم اللغة الوصفي والتاريخي على الآخر، ولكن علم اللغة الوصفي، باهتمامه بطبيعة اللغة ومشكلاتها بوجه عام ربما قيل بوجود جذوره في تلك التأملات الفلسفية التي تهتم بطبيعة اللغة، والتي أثارها الفلاسفة الإغريق، وفيما يخص الجانب الآخر من البحث وهو وصف لغات مستقلة، فإن علم اللغة الوصفي يرجع إلى الوراء في شكل تلك الجهود المبكرة التي تمت على أيدي النحويين الصينيين والهنود والإغريق ولكن الفلاسفة -بالإضافة إلى فلسفتهم لطبيعة اللغة- قد تفكروا أيضًا في أصلها. وهو نوع من النشاط ربما عد بداية التفكير في علم اللغة التاريخي.
وفي القديم -كما في العصور الوسطى- كان فرعا علم اللغة -إذا نحن استعملنا المصطلح الحديث- يعيشان جنبًا إلى جنب، ففي مجال علم اللغة الوصفي يمكن أن يوضع علم النحو، والكتيبات الصغيرة لإرشاد الرحالة والمسافرين إلى بلاد أجنبية، والأحكام التي تتعلق بعمومية النحو، والتصورات النحوية، وفي الجانب التاريخي تدخل تلك الأساطير حول أصل اللغات وتطورها، والمحاولات الأولى لتصنيف اللغات إلى عائلات ولسنا في حاجة إلى أن نقول إن ما تم في تلك العصور السحيقة لم يكن يتسم بالدقة والتحري، ولم يكن يتبع أي منهج يمكن أن يوصف بالعلمية.