قال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا} [المزمل:1 - 6]، قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها -: أنزل الله صدر سورة المزمل وفرض فيها القيام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه سنتين، حتى تورمت سوقهم حتى كأنها جذوع النخل، ثم أُنزِل آخرها وفيه التخفيف.
إنها تمارين العزيمة والهمة، في بداية أمر الدعوة والأمر شاق والحمل ثقيل، فلابد من تمارين العزيمة، بدأها جبريل عليه السلام بغطة أو ثلاث غطات لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما وصفها صلوات الله وسلامه عليه حين قال: "فَغَطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني وقال اقرأ" (?)، ثم فُرِضَ القيام سنتين؛ تدريب وتربية.
كذلك لا بد من إجراء بعض تمارين العزيمة والهمة قبل دخول رمضان، لندخل رمضان بهمة عالية.
وكان أبو مسلم الخولاني قد عَلَّقَ سَوْطًا في مسجد بيته، يؤدب به نفسه، وكان إذا فترت رِجلُه عن القيام يضربها بالسوط وهو يقول: قومي فوالله لأزحفنَّ بك زَحْفًا، حتى يكون الكَلَلُ منكِ لا مني، ويقوم قائلًا: أيظن أصحابُ محمدٍ أن يستأثروا به دونَنا، كلا واللهِ لنزاحمنَّهم عليه، حتى يعلموا أنهم خَلفوا وراءهم رجالًا.
هيا يا رجال .. كونوا رجالًا .. زاحموا الأكابر .. لَا تَكَلُّوا ولَا تَمَلُّوا ..
وقال أبو الدرداء - رضي الله عنه - لصُبَيح: يا صبيح؛ تعوَّد العبادة؛ فإن لها عادة، وإنه ليس على الأرض في شيءٌ أثقل عليها من كافر.