قبل وفاته؛ عوقب بحرمانه في الآخر؛ وفواته، قال الله تعالى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ في حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} [الأحقاف: 20].
كان الإمام علي يقول في آخر ليلة من رمضان: ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه، ومن هذا المحروم فنعزيه.
وكذلك كان يقول ابن مسعود - رضي الله عنهما -: من هذا المقبول منا فنهنيه؟، ومن هذا المحروم منا فنعزيه؟
وكأن المستفاد من ذلك أولًا أن قبول الأعمال غيب، وأن غاية ما كان من سعي المكلفين إنما هو في تحصيل صور الأعمال ومظاهرها، وأما المعول والذي عليه المدار في القبول؛ إنما هو حقائق الأعمال ومقاصدها.
فليت شعري من هذا المقبول فنهنيه، ومن هذا المحروم فنعزيه؟
إن ذلك غيب، لا يدري أحدٌ أين المقبول؟، وأين المحروم؟
واستفدنا كذلك أنه لا بد بعد إنقضاء العمل من وقفة المحاسبة للنفس، والنظر فيما كان فيه هذا العمل، وهل وقع هذا العمل من الله تعالى موقع القبول، أو كان هذا العمل في محل الرد والحرمان؟
فاكتسبت النفس لذلك وَجَلًا بعد ما ظنت انقضاء زمان السعي والمجاهدة، جاءها زمان آخر .. زمان المحاسبة للنفس، والمعاقبة على تقصيرها، والمجاهدة لشكر نعم الله -عز وجل- عليها.
قال بعض السلف: كانوا يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم: أيقبل منهم أم لا، فما ينفكون من وجلهم وإشفاقهم في أثناء أعمالهم، وما يذهب عنهم وجلهم ولا إشفاقهم بعد انقضاء تلك الأعمال، لا يدرون قبلت منهم أعمالهم أم ذهبت تلك الأعم الذي غير محل القبول؟