وانظر إلى كرم الجواد الذي إذا لم يُسأل يغضب، قال تعالى: {فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 43]، وقال تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان: 77]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يسأل الله يغضب عليه" (?).
فالدعاء تذلل وخضوع، وإخبات وانطراح على سُدَّةِ الكريم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله حيي كريم، يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صِفرًا خائبتين" (?).
وإن لم يكن رمضان وقت الدعاء المستجاب، ففي أي شهر يكون الدعاء؟، وهو وقت الشفاة الذابلة والطاعة الكاملة، والبطون الضامرة، وقت نزول الملائكة، وقت فتح أبواب الرحمة وأبواب السماء.
ولكن أبواب السماء تحتاج إلى مفاتيح تنفتح بها؛ فإن الله جل جلاله بحكمته ورحمته جعل لكل شيءٍ سببًا، وأمرنا بالأخذ بالأسباب لنصل إلى مراده سبحانه وتعالى من غير أن نتعلق بها؛ فهو سبحانه غنيٌّ عن الأسباب، ولكنها من سنن الله الربانية أن تكون البداية من العبد في إظهار الافتقار والحاجة والله يتمم له ويعطيه أكثر من مراده.
ولذلك جمع العلماء للدعاء آدابًا وأسبابًا يُرجى لمن التزمها أن يحوز دعاؤه القبول، أحب قبل أن ندعو وقبل أن أذكر لك طرفًا من عيون دعاء الصالحين؛ أن أسردها لك ابتداءً.