المدينة مثل مكة، والمقارنة بين مكة والمدينة واضحة، الصلاة في مكة بمائة ألف، وفي المدينة بألف، فأيهما يكون أربح؟
إنك تجد في كتاب الله -عز وجل- الثناء كل الثناء على مسجد الكعبة، فأين ما يقابله في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟!، ولست بهذا أهوِّن من أمر مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عياذًا بالله؛ وإنما نضع الأشياء في موضعها الصحيح، نعطي كل شيء حجمه اللائق به، وهذا من العدل الذي أمرنا الله به، ومن الفقه الذي نريد دلالة الأمة عليه حتى لا يفوتها عظيمُ الأجر، أليس النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في مكة: "واللهِ لأنتِ أحبُّ بلادِ اللهِ إلى الله، وأحبُّ بلادِ اللهِ إليَّ" (?)، والمسجد الحرام هو أول مسجد وضع على ظهر الأرض، وليس بقعة في الأرض يشترط لدخولها الإحرام والتجرد من الملابس إلا مكة.
إن مكة هي مكة، والمدينة هي المدينة، فحدِّد هدفك من عمرتك ولا تختر ما يوافق هواك، بل اختر ما هو خيرٌ لك في آخرتك، إننا نحب مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس من أجل النبي - صلى الله عليه وسلم - فحسب بل نحبه لله ابتداء، هذه الأمور لا بد أن تنضبط انضباطًا صحيحًا لا غلو فيه ولا جفاء.
فاعتكافك في مكة يختلف عن اعتكافك في المدينة، صلاتك في مكة تختلف عن صلاتك في المدينة، لا تظن أني بذلك أنهاك عن الذهاب إلى المدينة، كلا .. بل يستحب زيارة مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاحرص على ذلك .. أسأل الله جل جلاله أن يتابع لنا بين الحج والعمرة، وأن يرزقنا العمرة في رمضان دائمًا ولا يحرمنا منها، وأن يرزقنا الإخلاص فيها.