وتبقى بذلك الخطايا التي لم يعلم بها، ولكن هذا الواقع لا يتوافر في حياة الكثير من مسلمي اليوم، الذين يعيشون في عصرٍ سمته الغفلة عن مرضاة الله -عز وجل-؛ وذلك لكثرة صوراف وشواغل الدنيا، وكثرة المُلْهِيَّات والمنكرات، التي أصبحت في عرف هذا العصر من المعروف، كل هذا يستوجب على الإنسان تحَيُّن الفرص التي يقف فيها لمحاسبة نفسه، والتخلص قدر الاستطاعة من تراكم الذنوب.
ومن رحمة الله -عز وجل- بالإنسان المسلم أن أوجد له مواسم للطاعات يتقرب فيها الإنسان إلى ربه -عز وجل-، وتحط عنه من خلال هذا التقرب تلك الخطايا والمعاصي، ومن هذه المواسم شهر رمضان، وأخص ما في هذا الشهر ليلة القدر، إذ يقول الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم -: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" (?).
ففي الاعتكاف فرصة دورية للمعتكف لمراجعة حياته السابقة، وتأمُّل ما عمل فيها من سوء، وعقد النية على عدم الرجوع إليه، والتوبة والندم عليه، والتضرع إلى الله العلي القدير أن يعفو عنه ويغفر له، وخاصةً في ليلة القدر، وأولى الناس بشهود ليلة القدر من بداية وقتها وحتى انتهائه هو المعتكف؛ لأنك تجده قابعًا في المسجد في ذلك الوقت ذاكرًا لله في جميع أحراله بمختلف أنواع الذكر متحريًا هذه الليلة المباركة.
وشعور الإنسان المسلم بمغفرة الله -عز وجل-، وأنه قد تخفف من كثيرٍ من الذنوب التي أزيحت عن كاهله يعطيه نوعًا من الدافعية للانطلاق في طاعة الله -عز وجل-، ومرضاته في أعماله المختلفة، لكسب المؤيد من الحسنات التي تثقل موازينه يوم العرض على الله -عز وجل-.