نعم نشهد، وقد رأينا أن أهل القيام أحسن ناس وجوهًا , إذا رأيتهم ذكرت الله، ورعُهم ظاهر، وحلاوتهُم فائقة، وملاحتهم بادية على سرائرهم.

فاعلم يا أخي- هدانا الله وإياك إلى سبيله الأقوم -أن الناصح لنفسه لا تخرج عنه مواسم الطاعات عطلًا؛ لأن الأبرار ما نالوا البر إلا بالبر، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة-، ورمضان إلى رمضان، مكفراتٌ لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" (?).

فهلمَّ يا باغي الخير إلى شهر يُضاعف فيه الأجر للأعمال، فنَصَبُ المجتهدين في خدمة مولاهم في هذا الشهر هو الراحة، هبَّتْ على القلوب نفحةٌ من نفحات نسيم القرب في رمضان، وسعى سمسارُ الوعظ للمهجورين في الصلح، ووصلت البشارةُ فيه للمنقطعين بالوصل، وللمذنبين بالعفو، والمستوجبين النار بالعتق، فلم يبق للعاصي عذر.

كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة, ثم يقول: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه" (?).

قال الخطابي: إيمانًا واحتسابًا: أي نية وعزيمة، وهو أن يقومه على التصديق والرغبة في ثوابه، طيبة به نفسه، وقال البغوي: احتسابًا: أي طلبًا لوجه الله.

ومن المعلوم أن قيام رمضان يسمى بصلاة التراويح، قال الحافظ ابن حجر: التراويح جمع ترويحة، وهي المرة الواحدة من الراحة كتسليمة من السلام، سميت الصلاة في الجماعة في ليالي رمضان التراويح؛ لأنهم أول ما اجتمعوا عليها كانوا يستريحون بين كل تسليمتين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015