ظهر لك الآن أيها الحبيب جملة الأسباب المطلوبة:
(1) جمعُ الهم، فلا يكونُ همُّكَ إلا رضا الله وحده.
(2) همةٌ عالية ونيةٌ صحيحة.
(3) هجر العوائد، وقطع العلاثق، وتخطي العوائق.
ثم إنك -أيها الحبيب المحب- إن كنت تستشعر ثقلًا، وصعوبة في الأخذ بالأسباب التي ذكرتها لك؛ فإن من رحمة الله بعباده وإكرامه لهم سبحانه أن هيأ لهم فرصًا ومناسبات في أيام زمانهم يكون الوصول فيها أسهل وتصبح الإعاناتُ مجانيةً للجميع، قال سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: 62]، فهناك مواسم ومناسبات يكون الوصول والدخول على الله سبحانه وتعالى في هذه المواسم بمواهب وهدايا ولطائف في يوم أو ليلة بلمحةٍ خاطفة من خفايا لطفه سبحانه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها فلعل أحدكم تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدًا" (?).
من هذه المواسم شهر رمضان المعظم، أنعِم وأكرِم، بيومِ واحدٍ منه.
في أولِ ليلة من رمضان تُصَفَّد الشياطين، وتغلق أبواب النيران، وتفتح أبواب الجنان، ويأتي المدد من الله الرحمن، بأن يأمر مناديًا ينادي: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصِر، فإذا بك ترى الاستجابةَ السريعةَ في كل مكان، المساجد امتلأت بالمصلين، وسمعت من النوافذ والأبواب صوت الأذان والقرآن، كثرت الصدقات، وتنوقلت المصاحف، وتنافس الأئمة في ختام القرآن، يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر.