جاء بي الذي جاء بك، حتى انتهيت إلى هذا الموضع، فأوحى الله إلىّ أن أقف في هذا الموضع حتى يأتيني أمره، قال حائد: أخبرني ما انتهى إليك من أمر هذا النيل وهل بلغك أن أحد من بني آدم بلغه قال: نعم. قال: قد بلغني أن رجلا من ولد العيص يبلغه. ولا أظنه غيرك يا حائد، فقال له: كيف الطريق غليه قال له عمران: لست أخبرك بشيء إلا أن تجعل لي ما أسألك. قال: وما ذاك يا عمران قال: إذا رجعت إلىّ وأنا حي أقمت عندي حتى يوحى إلىّ بأمره، أو يتوفاني فتدفني، وإن وجدتني ميتا دفنتني وذهبت. قال له: لك ذلك علىّ فقال: سر كما أنت على هذا البحر، فإنك ستأتي دابة ترى أولها ولا ترى آخرها، فلا يهولنك أمرها، اركبها فإنها دابة معادية للشمس، إذا طلعت أهوت إليها لتلتقمها حتى تحول بينها وبين حجبتها، وإذا غربت أهوت إليها كذلك، فاركبها تذهب بك إلى جانب البحر، فسر عليها راجعا حتى تنتهي إلى النيل، فسر عليها فإنك ستبلغ أرضا من حديد وأشجارها وسهولها حديد، فإن جزتها وقعت في أرض من نحاس، فإن جزت وقعت في أرض من فضة، فإن جزتها وقعت في أرض من ذهب، فسار فيها حتى انتهى إلى سور من ذهب وشرفة من ذهب وقبة من ذهب، لها أربعة أبواب، ونظر إلى ما ينحدر من فوقك ذلك السور حتى يستقر في القبة ثم يتفرق في الأبواب الأربعة، فأما ثلاثة فتقبض في الأرض، وأما واحد فينشق على وجه الأرض، وهو النيل، فشرب منه واستراح، وهوى إلى السور ليصعد فأتاه ملك فقال له: يا حائد قف مكانك، فقد انتهى إليك علم