فإن قيل: فَلِمَ رُفع زيد في قولهم: "نعم الرجل زيد"؟ قيل: فيه1 وجهان؛ أحدهما: أن يكون مرفوعًا بالابتداء ونعم الرجل هو الخبر، وهو مقدم على المبتدأ؛ والتقدير فيه: زيد نعم الرجل، إلا أنه مقدم2 عليه؛ كقولهم: مررت به المسكين؛ والتقدير فيه: المسكين مررت به.
فإن قيل: فأين العائد ههنا من الخبر إلى المبتدأ؛ قيل: لأن الرجل لَمّا كان شائعًا في الجنس، كان زيد داخلاً تحته، فصار بمنزلة العائد الذي يعود إليه منه؛ فصار هذا كقول الشاعر3: [الطويل]
فأمّا القتال لا قتالَ لديكم ... ولكنَّ سَيرًا في عِرَاضِ الْمَواكِبِ4
فإنَّ القتال مبتدأ، وقوله: لا قتال لديكم خبره، وليس فيه عائد؛ لأن قوله: لا قتال لديكم، نفي عام؛ لأن "لا" تنفي الجنس، فاشتمل على جميع القتال، فصار ذلك بمنزلة العائد /إليه/5، وكذلك قول الشاعر6: [الطويل]
فأما الصدور، لا صدورَ لجعفرٍ ... ولكنّ أعجازًا شديدًا صَرِيرُهَا7