اسرار العربيه (صفحة 74)

أراد: بيع، فقلب الياء واوًا، لسكونها، وانضمام ما قبلها، كما قلبوها في نحو: موسر، وموقن؛ والأصل: ميسر، وميقن؛ لأنهما من اليسر واليقين، إلا أنه لَمّا وقعت الياء ساكنة مضمومًا ما قبلها؛ قلبوها واوًا، فكذلك ههنا.

[الفعل اللازم لا يبنى للمجهول]

فإن قيل: فهل يجوز أن يبنى الفعل اللازم للمفعول به؟ قيل: لا يجوز ذلك على القول الصحيح، وقد زعم بعضهم أنه يجوز، وليس بصحيح، إلا أنك1 لو بنيت الفعل اللازم للمفعول به، لكنت تحذف الفاعل، فيبقى الفعل غير مستند2 إلى شيء، وذلك محال، فإن اتصل به ظرف الزمان، أو ظرف المكان، أو المصدر، أو الجار والمجرور، جاز أن تبنيه عليه، ولا يجوز أن تبنيه على الحال؛ لأنها لا تقع إلا نكرة، فلو أقيمت مقام الفاعل؛ لجاز إضمارها3 كالفاعل، فكانت تقع معرفة، والحال لا تقع إلا نكرة.

فإن قيل: فلِمَ إذا أقيم الظرف مُقام الفاعل يخرج عن الظرفية، ويجعل مفعولاً؛ كزيد وعمرو وما أشبه ذلك؟ قيل: لأنه يتضمن معنى حرف الجر، فلو لم ينقل، لعلَّقته بالفعل مع تضمن حرف الجر، فالفاعل لا يتضمن حرف الجر، فكذلك ما قام مقامه.

فإن قيل: فالمصدر لا يتضمن حرف الجر، فهل ينقل أولاً؟ قيل: اختلف النحويون في ذلك؛ فذهب بعضهم إلى أنه لا ينقل؛ لأنه ليس بينه وبين الفعل واسطة، وذهب آخرون إلى أنه ينقل، واستدلوا على ذلك من وجهين:

أحدهما: أن الفعل لا بد له من الفاعل، والمصدر لو لم يذكر؛ لكان الفعل دالًّا عليه بصيغته، فصار وجوده وعدمه سواء، والفاعل لا بد /له/4 منه، فكذلك ما يقوم مقامه ينبغي أن يجعل بمنزلة المفعول الذي لا يستغنى بالفعل عنه.

والوجه الثاني: أن المصدر إنما يذكر تأكيدًا للفعل، ألا ترى أن قولك: "سرت سيرًا" بمنزلة /قولك/5: "سرت سرت" فكما لا يجوز أن يقوم الفعل مقام الفاعل، فكذلك لا يجوز أن يقوم مقامه ما كان بمنزلته؛ فلهذا، وجب نقل المصدر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015