الزمان؛ لأن في وقوع ظرف المكان خبرًا عنه فائدة، وليس في وقوع ظرف الزمان خبرًا عنه فائدة، ألا ترى أنك تقول في ظرف المكان: زيد أمامك فيكون مفيدًا؛ لأنه يجوز ألا يكون أمامك، ولو قلت في ظرف الزمان: زيد يوم الجمعة لم يكن مفيدًا؛ لأنه لا يجوز أن يخلو عن يوم الجمعة، وحكم الخبر أن يكون مفيدًا.
فإن قيل: فكيف جاز الإخبار عنه بظرف الزمان في قولهم "الليلةَ الهلالُ" قيل: إنما جاز؛ لأن التقدير فيه "الليلةَ حدوث الهلال"، أو طلوعه، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، والحدوث والطلوع حدث، ويجوز أن يكون خبر المبتدأ ظرف زمان، إذا كان المبتدأ حدثًا؛ كقولك: "الصلح يوم الجمعة، والقتال يومَ السبت وما أشبه ذلك؛ لأن في وقوعه خبرًا عنه فائدة.
[العامل في خبر المبتدأ]
فإن قيل: فما العامل في خبر المبتدأ؟ قيل: اختلف النحويون في ذلك؛ فذهب الكوفيون إلى أن عامله المبتدأ على ما ذكرناه، وذهب البصريون1 إلى أن الابتداء وحده هو العامل في الخبر؛ لأنه لَمّا وجب أن يكون عاملاً في المبتدأ، وجب أن يكون عاملاً في الخبر، قياسًا على العوامل اللفظية التي تدخل على المبتدأ؛ (وهو على رأي بعضهم) 2. وذهب قوم /منهم أيضًا/3 إلى أن الابتداء عمل في المبتدأ؛ والمبتدأ عمل في الخبر، وذهب سيبويه وجماعة معه إلى أن العامل في الخبر، وهو الابتداء والمبتدأ جميعًا؛ لأن الابتداء لا ينفك عن المبتدأ، ولا يصح للخبر معنى إلا بهما، فدل على أنهما العاملان فيه، والذي اختاره أن العامل في الحقيقة، هو الابتداء وحده دون المبتدأ، وذلك؛ لأن الأصل في الأسماء ألا تعمل، وإذا ثبت أن الابتداء له تأثير في العمل، فإضافة ما لا تأثير له إلى ما له تأثير، لا تأثير له، والتحقيق فيه أن تقول: إن الابتداء أعمل4 في الخبر بواسطة المبتدأ؛ لأنّ المبتدأ مشارك له في العمل، وفي كل واحد من هذه المذاهب كلام لا يليق ذكره بهذا المختصر، (فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى) 5.