ومنطلق: خبر عن المبتدأ الثاني، والمبتدأ الثاني، وخبره: خبر عن المبتدأ الأول. وأما الجملة الفعلية فما كان الجزء1 الأول منها فعلاً؛ نحو: زيد ذهب أبوه، وعمرو أن تكرمه يكرمك، وما أشبه ذلك؛ أما الظرف وحرف الجر، فاختلف النحويون فيهما، فذهب سيبويه وجماعة من النحويين إلى أنهما يُعدَّان من الجمل؛ لأنهما يُقَدَّر معهما الفعل، فإذا قال: زيد عندك، وعمرو في الدار كان التقدير: زيد استقر عندك، وعمرو استقر في الدار؛ وذهب بعض النحويين إلى أنهما يعدان من المفردات؛ لأنه يقدر معهما: مستقر؛ وهو اسم الفاعل، واسم الفاعل لا يكون مع الضمير جملة، والصحيح: ما ذهب إليه سيبويه، ومن تابعه؛ والدليل على ذلك: أنا وجدنا الظرف، وحرف الجر يقعان في صلة الأسماء الموصلة؛ نحو: الذي، والتي، ومن، وما، وما أشبه ذلك؛ تقول الذي عندك زيد، والذي في الدار عمرو، وكذلك سائرها، ومعلوم أن الصلة لا تكون إلا جملة، فإذا وجدناهم يصلون بهما الأسماء الموصولة، دلنا ذلك على أنهما يُعدَّان من الجمل، لا من المفردات، وأن التقدير: "استقر" دون "مستقر"؛ لأن استقرَّ يصلح أن يكون صلة لأنه جملة، و"مستقرّ" لا يصلح أن يكون صلة؛ لأنه مفرد، ولا بد في هذا النحو -أعني الجملة- من ضمير يعود إلى المبتدأ؛ تقول: زيد أبوه منطلق، فيكون العائد إلى المبتدأ "الهاء" في أبوه؛ فأما قولهم: "السمن منوان2 بدرهم" ففيه ضمير محذوف يرجع إلى المبتدأ؛ والتقدير فيه: منوان منه بدرهم وإنما حذف منه تخفيفًا للعلم به، ولو قلت: "زيد انطلق عمرو" لم يجز /قولاً واحدًا/3 فلو أضفت إلى ذلك: إليه، أو معه؛ صحت المسألة؛ لأنه قد رجع من: إليه، أو معه، ضمير إلى المبتدأ، وعلى هذا قياس كل جملة وقعت خبر المبتدأ4، وإنما وجب ذلك ليرتبط5 الكلام الثاني بالأول، ولو لم يرجع منه ضمير /إلى/6 الأول؛ لم يكن أولى به من غيره، فتبطل فائدة الخبر.
فإن قيل: فلم إذا كان المبتدأ جُثَّة، جاز أن يقع في خبره ظرف المكان دون ظرف الزمان؟ قيل: إنما جاز أن يقع في خبره ظرف المكان دون ظرف.