[تعريف المبتدأ]
إن قال قائل: ما المبتدأ؟ قيل: كل اسم عرّيته من العوامل اللفظية لفظًا وتقديرًا؛ فقولنا: اللفظية احتزازًا1؛ لأن العوامل تنقسم إلى قسمين؛ إلى عامل لفظيّ، وإلى عامل معنويّ، فأما اللفظي؛ فنحو: كان وأخواتها، وإن وأخواتها، وظننت وأخواتها؛ وقولنا: تقديرًا، احترازًا من تقدير الفعل في نحو قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انشَقَّت} 2 وما أشبه ذلك؛ وأما المعنويّ، فلم يأتِ إلا في موضعين عند سيبويه3، وأكثر البصريين؛ هذا أحدهما، وهو الابتداء؛ والثاني وقوع الفعل المضارع موقع الاسم /في/4 نحو: مررت برجل يكتب، فارتفع "يكتب" لوقوعه موقع "كاتب". وأضاف أبو الحسن الأخفش5 إليهما موضعًا ثالثًا، وهو عامل الصفة، فذهب إلى أن الاسم يرتفع؛ لكونه صفة لمرفوع، وينتصب لكونه صفة لمنصوب، وينجرُّ لكونه صفة لمجرور، وكونه صفة في هذه الأحوال معنى يعرف بالقلب، ليس للفظ فيه حظ. وسيبويه وأكثر البصريين يذهبون إلى أن العامل في الصفة هو العامل في الموصوف؛ ولهذا، موضع نذكره فيه، إن شاء الله تعالى.
[علة ارتفاع المبتدأ عند البصريين]
فإن قيل: فبماذا يرتفع الاسم المبتدأ؟ قيل: اختلف النحويون في ذلك؛ فذهب سيبويه ومن تابعه من البصريين إلى أنه يرتفع بتعريه من العوامل اللفظية. وذهب بعض البصريين إلى أنه يرتفع بما في النفس من معنى الإخبار عنه، وقد ضَعَّفَه بعض النحويين، وقال: لو كان الأمر كما زعم؛ لوجب ألا ينتصب إذا