التي هي سُلَّم إلى جواز الإمالة؛ فالإمالة في ضرب المثال مع الكسرة، بمنزلة النزول من موضع عالٍ بدرجةٍ، أو سُلَّم، والإمالة مع غير الكسرة، بمنزلة النُزول من موضعٍ عالٍ من غير1 درجة، أو سُلَّم، فبان الفرق بينهما.
[عِلَّة منع الراء المفتوحة أو المضمومة من الإمالة]
فإن قيل: فَلِمَ إذا كانت الراء مفتوحة، أو مضمومة، منعت من الإمالة، وإذا كانت مكسورة أوجبت2 الإمالة قيل: لأنَّ الراء حرف تكرير؛ فإذا كانت مفتوحة، أو مضمومة فكأنه /قد/3 اجتمع فيها فتحتان، أو ضمَّتان؛ فلذلك، منعت الإمالة، وأما إذا كانت مكسورة، فكأنه قد اجتمع فيها كسرتان؛ فلذلك، أوجبت الإمالة.
[علة غلبة الراء المكسورة حول الاستعلاء والراء المفتوحة]
فإن قيل: فَلِمَ غلبت الراء المكسورة حرف الاستعلاء /في/4 نحو: "طارد" والراء المفتوحة /في/4 نحو: "دار القرار" وما أشبه ذلك؟ قيل: إنما غُلبت الإمالة للراء المكسورة مع الحرف المستعلي؛ لأنَّ الكسرة في الراء اكتسبت5 تكريرًا فقويت؛ لأنَّ الحركة تقوى بقوة الحرف الذي يتحمَّلها، فصارت الكسرة فيها بمنزلة كسرتين؛ فغلبت بتسفُّلها تصعُّدَ المستعلي، وكما غلبت الراءُ المكسورة الحرف المستعلي، فكذلك الراء المفتوحة المشبهة به.
[علة عدم دخول الإمالة في الحروف]
فإن قيل: فَلِمَ لم تدخل الإمالة في الحرف؟ قيل: لأنَّ الإمالة ضرب من التصرف، أو لتدل الألف على أن أصلها ياء، والحروف لا تتصرف، ولا تكون ألفاتها منقلبة عن ياء، ولا واو.
[علة جواز الإمالة في "بلى" الجوابية و"يا" الندائية]
فإن قيل: فَلِمَ جازت الإمالة في: "بلى" و"يا" في النداء؟ قيل: أمَّا "بلى" فإنما أُميلت؛ لأنَّها أغنت غناء الجملة، وأما "يا" في النداء، فإنَّما أُميلت؛ لأنَّها قامت مُقام الفعل، فجازت إمالتها كالفعل؛ فاعرفه تصب، إن شاء الله تعالى.