اسرار العربيه (صفحة 214)

الوجه الأول: أنهم قالوا إنما قلنا: إنه معرب مجزوم؛ لأن الأصل في: "قُم، واذهب: لتقم، ولتذهب" قال الله تعالى: {فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} 1 وذُكر أنَّها قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- وقد رُوي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال في بعض مغازيه: "لتأخذوا مصافَّكم"2؛ فدل على أن الأصل في "قم: لتقم، واذهب: لتذهب" إلا أنَّه لَمّا كثر /في/3 كلامهم، وجرى على ألسنتهم؛ استثقلوا مجيء اللام فيه مع كثرة الاستعمال /فيه/4؛ فحذفوها5 مع حرف المضارعة تخفيفًا؛ كما قالوا: "إِيش" والأصل فيه: "أي شيء" وكقولهم: "وَيْلُمِّه" والأصل فيه: "ويلُ أُمِّه"؛ فحذفوا لكثرة الاستعمال؛ فكذلك ههنا.

والوجه الثَّاني: أنهم قالوا: أجمعنا على أنَّ فعل النهي معرب مجزوم؛ نحو: "لا تقُم، ولا تذهب" فكذلك فعل الأمر؛ نحو: "قُم، واقعد"؛ لأنَّ النهيَ ضد الأمر، وهم يحملون الشيء على ضده، كما يحملونه على نظيره.

والوجه الثالث6: أنهم قالوا: الدَّليل على أنه مجزوم، أنك تقول في المعتلّ: "اغزُ، ارمِ، اخشَ" فتحذف الواو، والياء، والألف، كما تقول: "لم يغزُ، لم يرمِ، لم يخش" فدل على أنه مجزوم بلامٍ مقدَّرة، وقد يجوز إعمال حرف الجزم مع الحذف؛ قال الشاعر7: [الوافر]

محمدُ تفدِ نفسك كلُ نفسٍ ... إذا ما خفت من أمرٍ تبالا8

و/أمَّا/9 ما ذهب إليه الكوفيون ففاسد؛ وقولهم: إنَّ الأصل في: "قم: لتقم، واذهب: لتذهب" إلا أنهم حذفوه10؛ لكثرة الاستعمال؛ قلنا: ليس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015