فنصب "فردين" على الحال من ضمير الفاعل والمفعول في تلقني؛ وهذا كثير في كلامهم.
[عامل النصب في الحال]
فإن قيل: فما العامل في الحال النَّصب؟ قيل: ما قبلها من العامل، وهو1 على ضربين؛ فعل، ومعنى فعل؛ فإن كان فعلاً؛ نحو: "جاء زيد راكبًا"؛ جاز أن يتقدم الحال/ عليه/2 نحو: "راكبًا جاء زيد"؛ لأن العامل/فيه/3 لَمّا كان مُتصرِّفًا، تصرف عمله، فجاز تقديم معموله عليه؛ وإن كان العامل فيه معنى فعل نحو: "هذا زيد قائمًا" لم يجز تقديم الحال عليه، فلو قلت: "قائمًا هذا زيد" لم يجز؛ لأن معنى الفعل لا يتصرَّفُ تصرُّفَهُ؛ فلم يجز تقديم معموله عليه. وذهب الفرَّاء إلى أنه لا يجوز تقديم الحال على العامل/ في الحال/4؛ سواء كان العامل فيه فعلاً، أو معنى فعل، وذلك؛ لأنه يؤدي إلى أن يتقدم المضمر على المظهر، فإنه إذا قال: "راكبًا جاء زيد" ففي "راكب" ضمير "زيد"، وقد تقدم عليه، وتقديم المضمر على المظهر لا يجوز؛ وهذا ليس بشيء؛ لأن "راكبًا" وإن كان مُقدمًا في اللفظ، إلا أنه مؤخر في المعنى في5 التقدير، وإذا كان مُؤخرًا في التقدير؛ جاز في التقديم، قال الله تعالى: {فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} 6 فالهاء في "نفسه" عائدة إلى "موسى" إلا أنه لَمّا كان في تقدير التقديم، والهاء: في تقدير التأخير؛ جاز التقديم، وهذا كثير في كلامهم؛ فكذلك ههنا.
[علة عمل الفعل اللازم في الحال]
فإن قيل: فَلِمَ عمل الفعل اللازم في الحال؟ قيل: لأن الفاعل لَمّا كان لا يفعل الفعل إلا في حالةٍ، كان في الفعل دلالة على الحال، فتعدَّى إليها، كما تعدَّى إلى ظرف الزمان لَمّا كان في الفعل دلالة عليه.