لهم فيه، وأما قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} فلا حُجَّة لهم فيه من وجهين:
أحدهما: أنَّا نقول: في الآية تقديم وتأخير؛ والتقدير فيه1: إن الذين آمنوا والذين هادوا ومن آمن بالله واليوم الآخر، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والصابئون والنصارى كذلك.
والوجه الثاني: أن تجعل2 قوله: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} خبر الصابئين والنصارى، وتضمر للذين آمنوا والذين هادوا /خبرًا/3 مثل الذي أظهرت للصابئين والنصارى، ألا ترى أنك تقول: "زيد وعمرو قائم" فتجعل: قائمًا خبرًا لعمرو، وتضمر لزيد خبرًا آخر مثل الذي أظهرتَ لعمرو، وإن شئت جعلته خبرًا لزيد، وأضمرت لعمرو خبرًا؛ كما قال الشاعر4: [الوافر]
وإلا فاعلموا أنَّا وأنتم ... بُغَاةٌ ما بقينا في شقاق5
وإن شئت جعلت قوله "بغاة" خبرًا للثاني، وأضمرت للأول خبرًا، وإن شئت جعلته خبرًا للأول، وأضمرت للثاني خبرًا على ما بينّا.
وأما قول بعض العرب "إنك وزيد ذاهبان" فقد ذكره 6 سيبويه أنه غلط من بعض العرب، وجعله بمنزلة قول الشاعر7: [الطويل]
بَدَا لِي أَنِّي لَسْتُ مُدْرِكَ مَا مَضَى ... وَلاَ سَابِقٍ شَيئًا إِذَا كَانَ جَائِيا