الخبر بها؛ لأنه ليس في كلام العرب عامل يعمل في الأسماء النصب، ولا يعمل الرفع، فما ذهبوا إليه يؤدي إلى ترك القياس، ومخالفة الأصول لغير فائدة، وذلك لا يجوز.
[علة جواز العطف على موضع إنَّ ولكنَّ]
فإن قيل: فَلِمَ جاز العطف على موضع "إن ولكن" دون سائر أخواتها؟ قيل: لأنهما لم يغيِّرا معنى الابتداء، بخلاف سائر الحروف؛ لأنها غيَّرت معنى الابتداء؛ لأن: "كأن" أفادت معنى التشبيه، و"ليت" أفادت معنى التمني، و"لعل" /أفادت/1 معنى التَّرجي.
[خلافهم في العطف على الموضع قبل ذكر الخبر]
فإن قيل: فهل يجوز العطف على الموضع قبل ذكر الخبر؟ قيل: اختلف النحويون في ذلك؛ فذهب أهل البصرة2 إلى أنه لا يجوز ذلك على الإطلاق، وذلك لأنك إذا قلت: "إنك وزيد قائمان" وجب أن يكون /زيد/3 مرفوعًا بالابتداء، ووجب أن يكون عاملاً في خبر زيد، وتكون "إن" عاملة في خبر الكاف، وقد اجتمعا معًا، وذلك لا يجوز؛ وأمّا الكوفيون فاختلفوا /في ذلك/4؛ فذهب الكسائي إلى أنه يجوز ذلك على الإطلاق؛ سواء تبين فيه عمل "إن" أو لم يتبين؛ نحو: "إن زيدًا وعمرو قائمان، وإنك وبكر منطلقان". وذهب الفراء إلى أنه لا يجوز ذلك إلا في ما لم5 يتبين فيه عمل "إن" واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى} 6 فعطف الصابئين على موضع إن قبل تمام الخبر؛ وهو قوله: {مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} ومما حكي عن بعض العرب أنه قال: "إنك وزيد ذاهبان"، وقد ذكره سيبويه في الكتاب.
والصحيح: ما ذهب إليه البصريون. وما استدل7 به الكوفيون، فلا حُجَّة