بدأت بالبدر وتشبيهه به في الحسن، وأخّرت تشبيهه بالأسد في الشجاعة، كان المعنى بحاله، وقوله: [من السريع]

النّشر مسك والوجوه دنا … نير وأطراف الأكفّ عنم (?)

إنما يجب حفظ هذا الترتيب فيها لأجل الشّعر، فأمّا أن تكون هذه الجمل متداخلة كتداخل الجمل في الآية، وواجبا فيها أن يكون لها نسق مخصوص كالنسق في الأشياء إذا رتّبت ترتيبا مخصوصا كان لمجموعها صورة خاصّة فلا (?).

وقد يجيء الشيء من هذا القبيل يتوهّم فيه أن إحدى الجملتين أو الجمل تنفرد وتستعمل بنفسها تشبيها وتمثيلا، ثم لا يكون كذلك عند حسن التأمل، مثال ذلك قوله: [من الطويل]

كما أبرقت قوما عطاشا غمامة … فلما رجوها أقشعت وتجلّت (?)

هذا مثل في أن يظهر للمضطرّ إلى الشيء، الشديد الحاجة إليه، أمارة وجوده، ثم يفوته ويبقى لذلك بحسرة وزيادة ترح.

وقد يمكن أن يقال: «إن قولك: «أبرقت قوما عطاشا غمامة»، تشبيه مستقلّ بنفسه، لا حاجة به إلى ما بعده من تمام البيت في إفادة المقصود الذي هو ظهور أمر مطمع لمن هو شديد الحاجة، إلّا أنه وإن كان كذلك، فإن حقّنا أن ننظر في مغزى المتكلم في تشبيهه. ونحن نعلم أن المغزى أن يصل ابتداء مطمعا بانتهاء مؤيس، وذلك يقتضي وقوف الجملة الأوّلة على ما بعدها من تمام البيت.

ووزان هذا أن الشرط والجزاء جملتان، ولكنا نقول: إنّ حكمهما حكم جملة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015