وكلاهما مرور وقطع للمسافة. وإنما يقع الاختلاف بالسرعة، وحقيقة «السرعة» قلّة تخلّل السكون للحركات، وذلك لا يوجب اختلافا في الجنس (?).
فإن قلت: فإذن لا فرق بين استعارة «طار» للفرس وبين استعارة «الشفة» للفرس، فهلّا عددت هذا في القسم اللّفظيّ غير المفيد؟ ثم إنك إن اعتذرت بأنّ في «طار» خصوص وصف ليس في «عدا» و «جرى»، فكذلك في «الشفة» خصوص وصف ليس في «الجحفلة».
فالجواب: أنّي لم أعدّه في ذلك القسم، لأجل أنّ خصوص الوصف الكائن في «طار» مراعى في استعارته للفرس، ألا تراك لا تقوله في كل حال، بل في حال مخصوصة وكذا «السباحة»، لأنك لا تستعيرها للفرس في كل أحوال حربه. نعم، وتأبى أن تعطيها كلّ فرس، فالقطوف (?) البليد لا يوصف بأنه سابح.
وأما استعارة اسم لعضو نحو «الشفة» و «الأنف» فلم يراع فيه خصوص الوصف. ألا ترى أن العجّاج لم يرد بقوله: «ومرسنا مسرّجا»، أن يشبّه أنف المرأة بأنف نوع من الحيوان، لأن هذا العضو من غير الإنسان لا يوصف بالحسن، كما يكون ذلك في العين والجيد. وهكذا استعارة «الفرسن» للشاة في قول عائشة رضي الله عنها: «ولو فرسن شاة» (?)، وهو للبعير في الأصل ليس لأن يشبّه هذا العضو من