بالإضافة لا بنفس الاسم، فلو قلت: «أثبتّ النّور فعلا» لم تقع في مجاز، لأنه فعل لله تعالى، وإنما تصير إلى المجاز إذا قلت: «أثبتّ النّور فعلا للربيع».
وأما في مسألة «الحياة»، فإنك تحصل على المجاز بإطلاق الاسم فحسب من غير إضافة، وذلك قولك: «أثبت بهجة الأرض حياة» أو «جعلها حياة»، أفلا ترى المجاز قد ظهر لك في «الحياة» من غير أن أضفتها إلى شيء، أي: من غير أن قلت:
«لكذا»؟
وهكذا إذا عبّرت بالنفس، تقول في مسألة الفعل: «جعل ما ليس بفعل للربيع فعلا له»، وتقول في هذه: «جعل ما ليس بحياة حياة» وتسكت، ولا تحتاج أن تقول: «جعل ما ليس بحياة للأرض حياة للأرض»، بل لا معنى لهذا الكلام، لأن يقتضي أنك أضفت حياة حقيقة إلى الأرض، وجعلتها مثلا تحيا بحياة غيرها، وذلك بيّن الإحالة.
ومن حقّ المسائل الدقيقة أن تتأمّل فيها العبارات التي تجري بين السائل والمجيب، وتحقّق، فإنّ ذلك يكشف عن الغرض، ويبيّن جهة الغلط. وقولك:
«جعل ما ليس بفعل فعلا» احتذاء لقولنا: «جعل ما ليس بحياة حياة» لا يصحّ- لأن معنى هذه العبارة أن يراد بالاسم غير معناه لشبه يدّعى أو شيء كالشبه، لا أن يعطّل الاسم من الفائدة، فيراد بها ما ليس بمعقول.
فنحن إذا تجوّزنا في «الحياة»، فأردنا بها العلم، فقد أودعنا الاسم معنى، وأردنا به صفة معقولة كالحياة نفسها ولا
يمكنك أن تشير في قولك: «فعل الربيع النّور»، إلى معنى تزعم أن لفظ «الفعل» ينقل عن معناه إليه، فيراد به، حتى يكون ذلك المعنى معقولا منه، كما عقل التأثير في الوجود، وحتى تقول: «لم أرد به التأثير في الوجود، ولكن أردت المعنى الفلانيّ الذي هو شبيه به أو كالشبيه، أو ليس بشبيه مثلا، إلا أنه معنى خلف معنى آخر على الاسم، إذ ليس وجود النور بعقب المطر، أو في زمان دون زمان، مما يعطيك معنى في المطر أو في الزمان، فتريده بلفظ «الفعل»، فليس إلا أن تقول: «لما كان النّور لا يوجد إلا بوجود الربيع، توهّم للربيع تأثير في وجوده، فأثبتّ له ذلك»، وإثبات الحكم أو الوصف لما ليس له قضيّة عقلية، لا تعلّق لها في صحّة وفساد باللغة، فاعرفه.
ومما يجب ضبطه في هذا الباب: أن كل حكم يجب في العقل وجوبا حتى لا