النّعمان، أو شبّهه بالأسد، لأن ذلك بيان للغرض. فأمّا القضية الصحيحة وما يقع في نفس العارف، ويوجبه نقد الصّيرف، فإنّ الأسد واقع على حقيقته حتى كأنه قال:
«ولا قرار على زأر هذا الأسد»، وأشار إلى الأسد خارجا من عرينه مهدّدا موعدا بزئيره. وأيّ وجه للشكّ في ذلك، وهو يؤدّي إلى أن يكون الكلام على حدّ قولك:
«ولا قرار على زأر من هو كالأسد»؟ وفيه من العيّ والفجاجة شيء غير قليل.
هذا، ومن حقّ غالط غلط في نحو ما ذكرت- على قلّة عذره- أن لا يغلط في قول الفرزدق (?): [من الوافر]
قياما ينظرون إلى سعيد … كأنّهم يرون به هلالا
ولا يتوهّم أن «هلالا» استعارة لسعيد، لأن الحكم على الاسم بالاستعارة مع وجود التشبيه الصريح، محال جار مجرى أن يكون كلّ اسم دخل عليه كاف التشبيه مستعارا. وإذا لم يغلط في هذا فالباقي بمنزلته، فاعرفه.
اعلم أنّ الشاعرين إذا اتفقا، لم يخل ذلك من أن يكون في الغرض على الجملة والعموم، أو في وجه الدلالة على ذلك الغرض.
والاشتراك في الغرض على العموم: أن يقصد كلّ واحد منهما وصف ممدوحه بالشجاعة والسخاء، أو حسن الوجه والبهاء، أو وصف فرسه بالسرعة، أو ما جرى هذا المجرى.
وأمّا وجه الدّلالة على الغرض، فهو أن يذكر ما يستدلّ به على إثباته له الشجاعة والسخاء مثلا. وذلك ينقسم أقساما:
منها التشبيه بما يوجد هذا الوصف فيه على الوجه البليغ والغاية البعيدة، كالتشبيه بالأسد، وبالبحر في البأس
والجود، والبدر والشّمس في الحسن والبهاء والإنارة والإشراق.