الرسم في طلوع البدور» يلتفت بك إلى بدر ثان، ويعطيك الاعتراف بالمجاز على وجه. وهكذا القول في القطعة الثانية لأنّ قوله: «أنا شمس» بالتنكير، اعتراف بشمس ثانية أو كالاعتراف.
ومما يدلّ دلالة واضحة على دعوى الحقيقة، ولا يستقيم إلا عليها قول المتنبي (?): [من الكامل]
واستقبلت قمر السماء بوجهها … فأرتني القمرين في وقت معا
أراد: فأرتني الشمس والقمر، ثم غلّب اسم القمر كقول الفرزدق (?): [من الطويل]
أخذنا بآفاق السّماء عليكم … لنا قمراها والنّجوم الطوالع
لولا أنه يخيّل الشمس نفسها، لم يكن لتغليب اسم القمر والتعريف بالألف واللام معنى. وكذلك لولا ضبطه نفسه حتى لا يجري المجاز والتشبيه في وهمه، لكان قوله: «في وقت معا»، لغوا من القول، فليس بعجيب أن يتراءى لك
وجه غادة حسناء في وقت طلوع القمر وتوسّطه السماء، هذا أظهر من أن يخفى.
وأمّا تشبيه أبي الفتح لهذا البيت بقول القائل (?): [من الكامل]
وإذا الغزالة في السماء ترفّعت … وبدا النهار لوقته يترجّل
أبدت لوجه الشمس وجها مثله … تلقى السماء بمثل ما تستقبل
فتشبيه على الجملة، ومن حيث أصل المعنى وصورته في المعقول، فأما الصّورة الخاصّة التي تحدث له بالصنعة، فلم يعرض لها.
ومما له طبقة عالية في هذا القبيل وشكل يدلّ على شدّة الشكيمة وعلوّ المأخذ، قول الفرزدق: [من الطويل]