ومما هو نظير لبيت السريّ وعلى طريقة قول ابن المعتزّ (?): [من المتقارب]
سقاني وقد سلّ سيف الصبا … ح، والليل من خوفه قد هرب
لم يقنع هاهنا بالتشبيه الظّاهر والقول المرسل، كما اقتصر في قوله (?): [من السريع]
حتى بدا الصباح من نقاب … كما بدا المنصل من قراب
وقوله (?): [من الكامل]
أمّا الظلام فحين رقّ قميصه … وأتى بياض الصّبح كالسّيف الصّدي
ولكنه أحبّ أن يحقّق دعواه أنّ هناك سيفا مسلولا، ويجعل نفسه كأنها لا تعلم أن هاهنا تشبيها، وأنّ القصد إلى لون البياض في الشكل المستطيل، فتوصّل إلى ذلك بأن جعل الظّلام كالعدوّ المنهزم الذي سلّ السّيف في قفاه، فهو يهرب مخافة أن يضرب به.
ومثل هذا في أن جعل الليل يخاف الصبح، لا في الصنعة التي أنا في سياقها، قوله: [من الطويل]
سبقنا إليها الصّبح وهو مقنّع … كمين، وقلب اللّيل منه على حذر
وقد أخذ الخالديّ بيته الأوّل أخذا، فقال: [من المنسرح]
والصّبح قد جرّدت صوارمه … والليل قد همّ منه بالهرب
وهذه قطعة لابن المعتزّ، بيت منها هو المقصود: [من الكامل]
وانظر إلى دنيا ربيع أقبلت … مثل البغيّ تبرّجت لزناة
جاءتك زائرة كعام أوّل … وتلبّست وتعطّرت بنبات
وإذا تعرّى الصبح من كافوره … نطقت صنوف طيورها بلغات
والورد يضحك من نواظر نرجس … قذيت، وآذن حيّها بممات
هذا البيت الأخير هو المراد، وذلك أن الضحك في الورد وكلّ ريحان ونور يتفتّح، مشهور معروف، وقد علّله في هذا البيت، وجعل الورد كأنه يعقل ويميّز،