به الفرق عليهما، حتى إنه لو رام تركهما إلى خلافهما مما لا تجنيس فيه ولا سجع، لدخل من عقوق المعنى وإدخال الوحشة عليه، في شبيه بما ينسب إليه المتكلف للتّجنيس المستكره، والسجع النّافر. ولن تجد أيمن طائرا، وأحسن أوّلا وآخرا، وأهدى إلى الإحسان، وأجلب للاستحسان، من أن ترسل المعاني على سجيّتها، وتدعها تطلب لأنفسها الألفاظ، فإنها إذا تركت وما تريد لم تكتس إلا ما يليق بها، ولم تلبس من المعارض إلا ما يزينها. فأمّا أن تضع في نفسك أنه لا بدّ من أن تجنس أو تسجع بلفظين مخصوصين، فهو الذي أنت منه بعرض الاستكراه (?)، وعلى خطر من الخطأ والوقوع في الذّمّ، فإن ساعدك الجدّ كما ساعد في قوله: «أو دعاني أمت بما أو دعاني»، وكما ساعد أبا تمام في نحو قوله: [من الطويل]
وأنجدتم من بعد إتهام داركم … فيا دمع أنجدني على ساكني نجد (?)
وقوله: [من الكامل]
هنّ الحمام، فإن كسرت عيافة … من حائهن فإنهنّ حمام (?)
فذاك، وإلّا أطلقت ألسنة العيب، وأفضى بك طلب الإحسان من حيث لم يحسن الطلب، إلى أفحش الإساءة وأكبر الذنب، ووقعت فيما ترى من ينصرك، لا يرى أحسن من أن لا يرويه لك، ويودّ لو قدر على نفيه عنك، وذلك كما تجده لأبي